د. إيمان بشير ابوكبدة
تتجه الأنظار في إسرائيل والولايات المتحدة إلى زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الأراضي الأمريكية نهاية الشهر الجاري، في خطوة قد تحمل انعطافات سياسية وأمنية حاسمة في الشرق الأوسط. فمن المتوقع أن يغادر نتنياهو تل أبيب يوم الأحد 28 ديسمبر متجهاً إلى مدينة بالم بيتش بولاية فلوريدا، حيث يُتوقع أن يعقد اجتماعاً مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع مارالاغو يوم الاثنين 29 ديسمبر.
ورغم أن اللقاء بينهما يُعد محور الزيارة، فإن الرئيس ترامب صرّح مؤخراً بأن موعد الاجتماع لم يُحدد بشكل نهائي بعد، مشيراً إلى أن نتنياهو هو من طلب اللقاء خلال زيارته المخطط لها إلى الولايات المتحدة. وأوضح ترامب أن اللقاء “قد” يُعقد في مارالاغو، لكنه شدد في الوقت نفسه على عدم الاتفاق حتى الآن على الجدول الزمني الرسمي.
مصادر سياسية تحدثت لصحيفة “معاريف” أكدت أن اللمسات الأخيرة على تفاصيل الزيارة لا تزال قيد التنسيق بين الجانبين، إلا أنها رجّحت عقد الاجتماع بالفعل في موعده يوم 29 ديسمبر. كما أشارت المصادر إلى احتمال عقد لقاء إضافي بين نتنياهو وترامب خلال إقامة رئيس الوزراء في بالم بيتش، وهو احتمال قد يحمل تأثيراً كبيراً على مجريات الزيارة ونتائجها السياسية.
ويتوقع مراقبون أن يكون الملف الغزّي محور المحادثات المرتقبة، خصوصاً ما يتعلق بخطة ترامب للانتقال إلى المرحلة الثانية في القطاع. هذه المرحلة تشمل توسيع ترتيبات إعادة التأهيل المدني، وتأسيس آلية حكم بديلة لحركة حماس، إلى جانب وجود دولي داخل غزة.
في المقابل، تتمسك إسرائيل برؤية أمنية أكثر تشدداً، تتمحور حول تفكيك قدرات حماس العسكرية بالكامل، وضمان سيطرة أمنية إسرائيلية واسعة حتى لا يتكرر أي تهديد عسكري، ما يجعل الاختلاف بين الطرفين مسألة تتعلق بالوتيرة والشروط والضمانات الأمنية.
كما يتوقع أن يمتد النقاش بين الجانبين إلى الملف الإيراني، حيث تتابع إسرائيل بقلق جهود طهران المتسارعة لإعادة بناء شبكة الصواريخ الباليستية التي تضررت خلال الفترة الماضية. وبينما تدفع تل أبيب نحو خطوات عسكرية إضافية لمنع إيران من استعادة قدراتها، تفضّل إدارة ترامب نهجاً أبطأ يقوم على التنسيق ومنع التصعيد الإقليمي.
الملف السوري سيكون حاضراً أيضاً على طاولة المحادثات، إذ تصر إسرائيل على استمرار عملياتها العسكرية داخل سوريا لمنع التمركز العسكري المعادي قرب حدودها الشمالية، بينما تتعامل واشنطن مع الملف بحذر خشية الإضرار بالتوازنات الإقليمية ومسار تثبيت النظام الجديد في دمشق.
ولن تقل الساحة اللبنانية أهمية، فإسرائيل تعبر عن استياء من عدم قدرة الجيش اللبناني على وقف جهود إعادة تسلح حزب الله، بينما تسعى الولايات المتحدة للضغط على بيروت من دون الوصول إلى أي مواجهة عسكرية واسعة.
وبحسب تقديرات سياسية، فإن نجاح نتنياهو خلال لقائه مع ترامب قد يرتبط بقدرته على ربط تقدّم المرحلة الثانية في غزة بحصول إسرائيل على دعم أمريكي صريح في الملفات المرتبطة بإيران وسوريا ولبنان.
وخلال زيارته، من المتوقع أن يلتقي نتنياهو أيضاً بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إضافة إلى ممثلين عن الجاليات اليهودية، كما سيلقي كلمة أمام مئات اليهود في مركز يهودي كبير في فلوريدا. ومع أن العودة المقررة لنتنياهو يوم الخميس المقبل على متن طائرة “جناح صهيون” تبدو محسومة، إلا أن مصادر حكومية لم تستبعد تغييرات في جدول الزيارة خلال الأيام المقبلة.
تأتي هذه الزيارة في توقيت حساس تخيم عليه ملفات مشتعلة ومرحلة سياسية مضطربة، ما يجعل نتائج لقاء نتنياهو–ترامب مرصودة بعناية من أطراف إقليمية ودولية، وسط توقعات بأن تحمل الأيام المقبلة المزيد من التفاصيل وربما المفاجآت.
