بقلم إيمان دويدار
لسنا ملائكة، ولن نكون. نحن بشر نخطئ أكثر مما نعترف، ونضعف أكثر مما نظهر، ومع ذلك فكل ما يميّزنا حقًا هو هذه الإنسانيّة الهشّة التي نحاول إنقاذها كل يوم. إنسانيّتنا ليست شعارًا نرفعه، بل اختبارًا نواجهه في التفاصيل الصغيرة، حين لا يرانا أحد.
إنسانيّتنا تظهر في طريقة تعاملنا مع الضعفاء، في صبرنا على من يخطئ، وفي قدرتنا على الرحمة حين نملك القسوة. تظهر حين نختار الكلمة الطيبة بدل السخرية، وحين نصغي أكثر مما نتكلم، وحين نفهم أن لكل إنسان حكاية لم تُحكَ بعد.
في زمن السرعة، صارت الإنسانيّة عبئًا في نظر البعض، كأن التعاطف يُبطئنا، وكأن الرحمة تُضعفنا. فآثرنا القسوة بحجة الواقعية، والبرود باسم الحكمة، ونسينا أن القلوب لا تعيش طويلًا دون دفء.
نخسر إنسانيّتنا حين نعتاد الألم، حين يصبح وجع الآخرين خبرًا عابرًا، وحين نبرّر الظلم لأننا لم نكن ضحيته. نخسرها حين نرى الخطأ ونصمت، لا خوفًا، بل لامبالاة.
ومع ذلك، لا تموت الإنسانيّة بسهولة. تعود في دمعة صادقة، وفي يد تمتد دون مقابل، وفي موقف شجاع يقول: “هذا لا يليق بنا”. تعود كلما اخترنا أن نكون بشرًا، لا قضاة.
إنسانيّتنا ليست كمالًا، بل محاولة مستمرة. محاولة أن نبقى قريبين من قلوبنا، وأن نتذكّر وسط هذا العالم القاسي أن ما تبقّى لنا حقًا هو إنسانيتنا.
