د. إيمان بشير ابوكبدة
رغم الإعجاب الواسع الذي يبديه الطلاب بسهولة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه السهولة قد تحمل آثاراً سلبية على المدى البعيد. إذ كشفت دراسة حديثة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ولا سيما في إنجاز الواجبات وكتابة المقالات، يؤدي إلى تراجع القدرات الذهنية وضعف مهارات الكتابة وانخفاض ملحوظ في نشاط الدماغ، ما ينعكس تراجعاً في التحصيل المعرفي.
وأظهرت نتائج الدراسة أن الطلاب الذين استخدموا «شات جي بي تي» أو نماذج مشابهة أثناء كتابة مقالاتهم سجّلوا أدنى مستويات النشاط الدماغي، بحسب ما نقلته منصّة «أوكسفورد ليرنينغ». كما بدت كتاباتهم أكثر نمطية وأقل إبداعاً، وسريعة النسيان، مع ميل متزايد إلى السلبية والعزلة.
ولاحظ الباحثون أن عدداً كبيراً من هؤلاء الطلاب لم يتمكنوا من تذكّر ما كتبوه أو مراجعة أعمالهم دون الاستعانة مجدداً بالذكاء الاصطناعي، في مؤشر واضح على غياب التعلّم الحقيقي.
التعلّم السلبي يهدد التفكير النقدي
من جهته، يشير موقع «سيكولوجي توداي» إلى أن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي في الواجبات قد يبدو حلاً عملياً على المدى القصير، لكنه يتجاهل العمليات الذهنية الأساسية اللازمة للتعلّم طويل الأمد. فعندما يكتفي الطالب بإدخال الأوامر ونسخ النتائج، فإنه لا يمارس التحليل أو التركيب أو التفكير النقدي، بل يتحول إلى متلقٍ سلبي للمعلومة.
هذا النمط من التعلّم، وفق المختصين، يؤدي إلى:
إضعاف الروابط العصبية في الدماغ.
تقليل القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات.
الحد من تنمية التفكير النقدي والإبداعي.
تشجيع الكسل الذهني.
ويعلّق أحد الباحثين بالقول: «قد تُنجز المهمة، لكن دون أن تُدمج أي معرفة حقيقية في شبكات الذاكرة الدماغية».
مخاطر أخرى غير مرئية
إلى جانب الكسل المعرفي، يلفت الخبراء إلى إشكالية أخرى لا تقل خطورة، تتمثل في أن أدوات الذكاء الاصطناعي ليست دائماً دقيقة أو محايدة. فهي تعتمد على أنماط مستخلصة من بيانات ضخمة، لا على فهم حقيقي، ما قد يؤدي إلى إنتاج معلومات تبدو منطقية لكنها خاطئة، أو تعكس تحيزات موجودة في بيانات التدريب، أو حتى تتضمن مصادر غير صحيحة.
وفي هذا السياق، أظهرت إحدى الدراسات التي اختبرت قدرة «شات جي بي تي-4» على إعداد ورقة بحثية أكاديمية وجود عدد كبير من الأخطاء والادعاءات غير الموثقة في المراجع.
ويحذّر الباحثون من أن الأطفال والمراهقين، الذين لا تزال مهاراتهم النقدية في طور التشكّل، قد يكونون أكثر عرضة لتقبّل هذا المحتوى دون تمحيص، ما يفتح الباب أمام استيعاب ونشر معلومات مضللة، خاصة في ظل النبرة الواثقة التي غالباً ما يتحدث بها الذكاء الاصطناعي، والتي قد تعيق التشكيك في مخرجاته.
