صحافة مواطن

إفطار دار المسنين.. مائدة تفضح العقوق!

د/حمدان محمد
هناك مشاهد تخترق القلب وتزلزل الضمير، مشاهد لآباء وأمهات جُبلت حياتهم على العطاء، يقضون شيخوختهم في انتظار لا ينتهي. تجلس أمٌ أنهكها الزمن أمام طبقها، تحدّق فيه كأنها تستجدي من الأيام أن تعيد إليها صوت ابنها وهو يقول: “كل لقمتك يا أمي”. وعلى الطرف الآخر، رجل تجاوز الثمانين، يحمل الملعقة بيد مرتعشة، لكن عينه تظل معلقة بالباب، ربما يدخل منه ابنه الذي وعده بزيارة ولم يأتِ!
فأي قسوة هذه التي تسمح لابن أن يدير ظهره لوالد احتضنه طفلاً، وسهر على راحته، وحمل همومه قبل أن يعرف كيف ينطق؟ أي قلب هذا الذي يترك أمّه تبكي وحدتها، بينما هو يجلس مع زوجته وأولاده، يملأ بيته ضحكاً، لكنه يبخل بكلمة طيبة على من أفنت عمرها من أجله؟
فإن العقوق لا يحتاج إلى ضرب أو سب، بل يكفي أن تترك أباك أو أمك في انتظارك على مائدة الطعام، يكفي أن تجعلهم يأكلون والدموع تسبق اللقمة إلى أفواههم. فويل لكل ابن قسا قلبه، ونسي أن الزمن دوّار، وأنه كما يعامل والديه اليوم، سيعامله أبناؤه غداً
وهذه رسالة إلى هؤلاء العاقين، لا تقولوا غداً، فقد يأتي الغد وقد لا يجدونكم! عودوا قبل أن يبقى مكانكم فارغاً، وتبكون حيث لا ينفع البكاء!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى