قبيلة التساتان..حُماة الرنّة في قلب سيبيريا المتجمدة

نجده محمد رضا
في أعماق غابات التايغا السيبيرية شمال منغوليا وشرق روسيا، تعيش واحدة من أكثر القبائل عزلةً وغموضاً في العالم قبيلة التساتان أو “دوكا” كما يُطلق عليهم محلياً وهم من آخر الشعوب الرحّل الذين لا يزالون يمارسون تقليد رعي الرنّة في عالم يسرع الخطى نحو الحداثة.
الهوية والتقاليد
ينتمي التساتان إلى عرقية السايان، ويتحدثون لغة تركية الأصل تُعرف بلغة “توفا”، ويعيشون في مجموعات صغيرة متنقلة تُقيم في خيام مخروطية تشبه تلك الخاصة بالهنود الحمر تتنقل هذه الجماعات على مدار السنة وفقاً لمواسم الرعي، بحثاً عن المراعي الملائمة لقطعان الرنّة التي تُعد مصدرهم الرئيسي للغذاء، والملبس، ووسيلة النقل.
الرنّة ليست مجرد حيوان بل هي شريك حياة فهم يستخدمونها للتنقل في المناطق الجبلية الوعرة، ويحلبونها، ويصنعون من جلودها الملابس والأغطية، بل وحتى يعتمدون على قرونها في بعض الأدوات التقليدية.
الحياة اليومية وسط الطبيعة
تعيش القبيلة في انسجام تام مع بيئتها الطبيعية القاسية. درجات الحرارة في الشتاء قد تنخفض إلى ما دون 40 درجة مئوية تحت الصفر، لكن التساتان يمتلكون مهارات استثنائية للبقاء على قيد الحياة. يعتمدون على الصيد وجمع النباتات البرية، ويُظهر الأطفال منذ سن صغيرة مهارات مذهلة في ركوب الرنّة والتعامل مع الطبيعة.
تحديات العصر الحديث
رغم عزلتهم النسبية، لم يسلم التساتان من تأثيرات العالم الخارجي. فقد تسببت التغيرات المناخية في تراجع مساحات الغابات التي يعتمدون عليها، كما يهدد السياح والمستكشفون نمط حياتهم التقليدي. ومع ذلك، تحاول بعض المنظمات الدولية والمحلية دعم القبيلة عبر مشاريع لحماية ثقافتهم وبيئتهم، دون فرض الحداثة عليهم.
رمز للتماسك الثقافي
قبيلة التساتان تمثل رمزاً فريداً للتماسك بين الإنسان والطبيعة. ففي وقتٍ بدأت فيه البشرية تفقد الصلة بجذورها البيئية، يذكرنا التساتان بقيمة البساطة والتوازن مع العالم الطبيعي.
هذه الشابة من قبيلة التساتان في منغوليا، آسيا الوسطى، تركب غزالاً. إنها واحدة من 500 شخص يُعتبرون آخر رعاة الرنة في منغوليا
وهم آخر مجموعة في العالم تركب الرنة لم يبقَ منهم سوى بضع مئات، ويُعتقد أن أقل من 50 عائلة لا تزال تعيش على هذه الطريقة.