“أبو القمصان” في ندوة نقدية.. سيرة المهمّشين وأسئلة الهوية

رانيا ضيف
نظّم منتدى الشعر المصري ندوة أدبية مساء الإثنين 26 مايو الجاري، لمناقشة رواية “أبو القمصان”للكاتب الكبير والصحفي القدير خالد إسماعيل، والصادرة حديثًا عن دار الأدهم للنشر والتوزيع. وتُقام الندوة بمقر حزب التجمع بوسط القاهرة، في تمام الساعة السادسة والنصف مساءً، بحضور نخبة من الأدباء والنقاد.
يشارك في المناقشة كل من: الروائي والشاعر علي عطا، والشاعر سعد القليعي، والناقد د. عبد الكريم الجراوي، ويدير الندوة الشاعر عبد عبد الحليم.
تقوم الرواية على تقنية السرد الذاتي، حيث يروي بطلها “سعيد أبو القمصان” سيرته من داخل السجن، بعدما ارتكب جريمة قتل حبيبته الباحثة في الفولكلور الشعبي، انتقامًا منها لاستغلالها له في أبحاثها الأكاديمية مدعية حبه. وينتمي “سعيد” إلى عائلة ذات جذور عبودية، الأمر الذي يفتح بابًا واسعًا لتأملات الرواية في الإرث الاجتماعي والطبقي والتاريخي للعبودية في مصر.
تزخر الرواية بالأسلوب الشفاهي والسرد الشعبي، فتغوص في تفاصيل حكايات مثل “ريا وسكينة” و”شفيقة ومتولي”، وتعيد تقديمها من منظور مختلف يثير التساؤلات.
عبر ستة فصول متماسكة، يتتبع خالد إسماعيل تحولات البطل في ظل علاقات قهر متعددة: من سلطة الأب، إلى استغلال النخبة الأكاديمية، إلى خيانة الأصدقاء، مقدمًا نصًا يحمل طابعًا اجتماعيًا ونفسيًا عميقًا، يمزج بين الألم والتأملات في الهوية والمصير.
وتُعد الرواية انعكاسًا صارخًا لحياة المهمَّشين في المجتمع، ولما تتركه الصور النمطية والتنمر والتمييز من ندوب في النفس البشرية، خصوصًا حين تكون البشرة السوداء سببًا للإقصاء والتقليل من الذات، كما يكشف النص عن هشاشة العدالة الاجتماعية والثمن الفادح للتواطؤ المجتمعي مع منظومات الظلم التاريخية.
يُذكر أن خالد إسماعيل له عدد من الأعمال الأدبية المتميزة، من أبرزها:
• الخروج إلى الحرية
• حكايات وشخصيات
• العباية السوداء (رواية)
• مقتل بخيتة القصاصة (مجموعة قصصية)
• غرب النيل (مجموعة قصصية)
وتُعد رواية “26 أبريل” إضافة قوية لمسيرته الأدبية، تؤكد قدرته على الجمع بين الرؤية الصحفية الحادة والطرح الروائي العميق.
حيث ترصد التفاصيل بدقة وتسبر أغوار الواقع وتكشف الزوايا المخفية أو المسكوت عنها وتُحلّل الأحداث بخبرة صحفية تتسم بالوعي والذكاء المهني
وهذا ما فعله خالد إسماعيل في رواية “26 أبريل”، إذ استفاد من خبرته الصحفية في بناء مشاهد دقيقة وناقدة للواقع، مما أضفى على العمل عمقًا وتحليلاً لاذعًا.
وعودة لرواية أبو القمصان التي تحتل المنصة، لا لتُحاكم شخصياتها، بل لتفتح بابًا للأسئلة الكبرى حول الإنسان ومصيره، وحول العدالة حين تغيب، والهوية حين تُختزل في لون أو طبقة. ومساء 26 مايو، تصبح ندوة منتدى الشعر المصري مساحة حوار حي، تعيد لـ’أبو القمصان’ صوته، وتدعونا جميعًا لنصغي.