“القيادي الغامض.. صحيفة بريطانية ترصد صعود عز الدين الحداد بعد مقتل السنوار”

كتبت ـ مها سمير
نشرت صحيفة “التايمز” البريطانية تقريرا سلط الضوء على حياة زعيم حماس الجديد عز الدين الحداد (55 عاما) والذي يشغل حاليا منصب قائد الجناح العسكري لحماس بعد اغتيال محمد السنوار.
و بين دهاليز الصراع الدامي في غزة، ظهر اسم عز الدين الحداد كأكثر الشخصيات تأثيرًا وإثارة للجدل، بعدما كشفت تقارير استخباراتية أن الرجل الذي يُعرف محليًا بـ”أبو صهيب” هو من يملك الكلمة الفصل في ملف وقف إطلاق النار، ويحتجز بيده مفاتيح الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
ورغم إعلان حركة حماس قبولها المبدئي لمقترح اتفاق التهدئة الذي طرحه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، إلا أن الجدول الزمني الجديد الذي اقترحته الحركة في عطلة نهاية الأسبوع أثار استياء واشنطن، إذ وصفه ويتكوف بأنه “خطوة تراجعية وغير مقبولة”.
لكن خلف الستار، يبدو أن القرار الفعلي لا يصدر من غرف التفاوض، بل من الميدان داخل غزة، حيث يسيطر الحداد على الأمور ويتحرك بحذر شديد بعيدًا عن الأضواء، وفق ما نقلته صحيفة التايمز البريطانية.
الفيتو بيد الحداد.. والمفاوضات بيد “درويش”
بحسب مصادر أمنية، فإن الحداد، الذي يُعد المطلوب الأول لإسرائيل الآن، يتمتع بصلاحية نقض أي اتفاق تهدئة من داخل القطاع، في حين يقود محمد إسماعيل درويش، المعروف سابقًا بدوره المالي داخل حماس، مسار التفاوض مع الأمريكيين بعد أن حل محل كبير المفاوضين السابق.
ويقول أحد الوسطاء الدوليين:
“الحداد هو العقبة الأخيرة أمام أي اختراق حقيقي.. هو الرجل الذي لا يمكن تجاوزه”.
الناجي من ست محاولات اغتيال
يملك الحداد سجلًا أمنيًا ثقيلًا، فقد نجا من ست محاولات اغتيال منذ عام 2008، ثلاث منها وقعت خلال الحرب الحالية، حيث أرسلت إسرائيل قوة خاصة إلى منزل كان يُعتقد أنه يختبئ فيه، لكنه أفلت من الموت مرة أخرى.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه النجاة المتكررة عززت من مكانته داخل الحركة، إذ كُلّف لاحقًا بإعادة بناء البنية التحتية العسكرية والمدنية لحماس، وقاد عملية تنظيم تسليم الرهائن المحتجزين.
عقل هجوم 7 أكتوبر
تؤكد “التايمز” أن الحداد كان من القلائل الذين اطلعوا على تفاصيل خطة هجوم 7 أكتوبر 2023 قبل تنفيذها. وفي الليلة السابقة للهجوم، وزّع الحداد وثيقة على القادة الميدانيين تحت إمرته تتضمن ثلاثة أهداف رئيسية:
الاختطاف الجماعي
تدمير التجمعات السكنية الإسرائيلية
وكان الحداد أيضًا هو المسؤول عن اقتحام قاعدة ناحال عوز العسكرية، حيث قُتل أكثر من 60 جنديًا إسرائيليًا.
قائد الظل الجديد بعد السنوار
بعد مقتل محمد السنوار، شقيق يحيى السنوار، أفادت المصادر بأن الحداد تولّى فعليًا قيادة الجناح العسكري لحماس. ويقال إنه لا يثق إلا بدائرة ضيقة جدًا من المقربين، ويغيّر موقعه باستمرار لتفادي الاغتيال.
ورغم المكافأة التي رُصدت سابقًا لمن يدلي بمعلومات عن مكانه والتي وصلت إلى 750 ألف دولار، فإن الحداد لا يزال بعيد المنال، ويُنظر إليه الآن باعتباره آخر قادة الميدان في غزة.
“إما أن يُذكر كآخر من حكم غزة.. أو كقائد أنقذها”
ونقلت “التايمز” عن مصدر أمني إقليمي قوله:
“الضغط عليه هائل.. إذا لم يُبرم الاتفاق، سيتحمل عبء تفكيك غزة تحت السيطرة الإسرائيلية، لكنه أيضًا يسعى لإثبات أهليته للقيادة”.
في هذا المشهد المعقد، يبقى عز الدين الحداد — بصمته، وتحركاته السرية، وسلطته الفعلية — هو اللاعب الحاسم الأخير في مستقبل غزة.