كتب م / رمضان بهيج
من المحن تظهر المنح هذه العبارة من أعمق المفاهيم الإيمانية التي تمنح النفس السكينة؛ ففي قلب كل ضيق متسع، وفي طيات كل بلاء عطاء مستتر.
بين طيات البلاء.. تكمن العطايا
عندما تشتد الأزمات وتتزاحم الهموم على قلب الإنسان، حتى يظن أن الأبواب قد أُغلقت تماماً وأن الحلول الأرضية قد نفدت، هنا يبدأ تجلي اللطف الإلهي. فالمحن في ظاهرها كبد ومشقة، لكنها في جوهرها “مختبرات ربانية” تُعيد صياغة النفس البشرية وتستخرج منها كنوزاً لم تكن لولا تلك الشدائد.
لماذا تظهر المِنح وسط المِحَن؟
انكسار القلب لله: عندما تعجز الحلول البشرية، يدرك العبد حقيقة ضعفه وقوة خالقه، وهذا الانكسار هو في حد ذاته أعظم منحة، لأنه يفتح أبواب الإجابة والقرب من الله.تطهير النفس وتزكيتها: المحنة تعمل كالنار التي تنقي الذهب من الشوائب؛ فهي تخلص النفس من الكبر والغرور، وتجعلها أكثر صبراً وحكمة. وقوله تعالى : {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10)،
قوة الصبر على البلاء بعدها يمنح الله الصابر اجر بغير حساب.
ميلاد القوة من رحم الضعف:
غالباً ما يكتشف الإنسان في الأوقات الصعبة قدرات وإمكانات كامنة في شخصيته لم يكن ليعرفها في أوقات الرخاء.
تغيير المسارات: أحياناً تكون المحنة مجرد “انعطاف إجباري” يمنعك من السقوط في هاوية لا تراها، ليوجهك الله نحو طريق أفضل مليء بالفرص والنجاحات.
”ما من محنة إلا ولله فيها منحة، فإذا غفل العبد عن رؤية اللطف في البلاء، فقد فاته خير كثير.”
تأمل الجوانب المضيئة
إن المنح الربانية لا تأتي دائماً على شكل مادي، بل قد تكون طمأنينة تقذف في القلب وسط العاصفة، أو بصيرة تنير لك الحقائق، أو صُحبة صالحة لم تكن لتلتقي بها إلا في تلك الظروف.
إن الله عز وجل لا يبتلي ليعذب، بل ليبتلي ليرفع ويهذب. فثق تماماً أن الضيق الذي تمر به الآن ما هو إلا مخاض لولادة فجر جديد يحمل لك من العطايا ما يفوق خيالك، فاستبشر خيراً، فإن مع العسر يسراً.
وقوله تعالى : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )جزء من سورة الشرح في القرآن الكريم، وتحديداً الآية السادسة
(نور في عتمة الضيق)
”يُرسل الله المِحَن ليُوقظ فينا قلوباً غفلت عن قربه، فإذا بالانكسار الذي يسكن الأرواح يتحول إلى جسرٍ يعبر بنا نحو أعظم المِنح. ليس كل ضيق نهاية، فربما أراد الله أن يخلع عنك ثوب الاعتماد على البشر، ليلبسك ثوب اليقين بـه وحده. تأكد أن العطايا الربانية مخبأة خلف الستائر التي تظنها مغلقة؛ فاصبر قليلاً، ليأتيك الجبرُ كثيراً.”
ثانياً: دعاء ومناجاة (من القلب)
”اللهم يا من تلطف بالعباد في طيات البلاء، ويا من تخرج من عسرنا يسراً ومن ضيقنا فرجاً..
اللهم إن كانت الحلول قد أعجزتنا، فإن أمرك بين الكاف والنون لا يعجزه شيء. نسألك أن تفتح لنا من أبواب منحك ما ينسينا مرارة محننا، وأن ترزقنا بصيرةً نرى بها لطفك الخفي في كل قدر.
إلهي، اجعل انكسارنا بين يديك قوة، وحيرتنا هداية، وضيقنا سعة.. وبشرنا بجميل عطائك الذي لا يملكه سواك.”
”المِحنة بوصلة، إن أحسنت توجيهها أوصلتك لمنحة لم تكن تخطر لك على بال.”
”عجز الحلول الأرضية هو إيذان ببدء المعجزات السماوية.. فاستبشر.”
”الله لا يأخذ منك إلا ليعطيك ما هو أبقى، ولا يبتليك إلا ليطهرك لما هو أرقى.”
