بقلم / أسامة نجيب
اللغة هي تلك النعمة التي أنعم الله بها علي الإنسان وميزه بها علي سائر المخلوقات ، واللغة تتلخص في كونها عدد محدود من الحروف تنتج عدد لا نهائي من الكلمات والجمل لتستخدم كوسيلة يعبر بها كل قوم عن أغراضهم من تواصل ونقل للأفكار ، فهي جوهر الهوية ووسيلة التعبير عن المشاعر والوجدان والتاريخ، والثقافة، والدين، والعادات، وهي خط الدفاع الأول عن الأمة .
إن اللغات حول العالم تتنوع بتنوع البلدان والقارات ، حيث تشكل كل لغة هوية وثقافة امة أو شعب أو دولة ، ويمكن القول بأنه يوجد في العالم ما يقارب 7,000 لغة حية ، وتأتي قارتي آسيا وأفريقيا في المقدمة بالترتيب من حيث تعدد اللغات بينما تتزيل قارة أوروبا قارات العالم من حيث التعدد اللغوي
بل وتواجه أيضا 40% من اللغات حول العالم خطر الانقراض حيث يتحدث بها عدد قليل من الناس .
ورغم هذا التعدد والتنوع الهائل من اللغات حول العالم _الا أنه _ تبقي اللغة العربية هي رائدة اللغات بل هي اللغة الاهم والاشهر حول العالم _ لما لا؟ _ وهي لغة القرآن الكريم حيث اختارها الله لتكون لغة كتابه العزيز، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
مما منحها الخلود والحفظ، وجعلها أساساً للشريعة والعلم والحضارة الإسلامية فهي ليست فقط وسيلة للتواصل وإنما هي هوية وثقافة وإرث حضاري .
فمنذ أن فتق لسان سيدنا اسماعيل عليه السلام باللغة العربية داخل قبيلته جرهم كأول من نطق بالعربية الفصحي ، ولغتنا الجميلة تتميز بثرائها البلاغي واللفظي حيث تمتلك مفردات هائلة وتعدد أسماء للأشياء التي تبلغ المعنى بأقصر طريق وألطف عبارة .
وتلقب اللغة العربية ب “لغة الضاد” لتميزها بهذا الحرف الذي لا يوجد في لغات العجم، وأصبح رمزاً لها ولفخر العرب ، فهي لغة الجمال والتنوع بين جمالياتها الصوتية وقوة تراكيبها النحوية، مع روعة خطها العربي وفنونها البديعية التي تخاطب العقل والقلب معاً.
في كل عام نحتفل باليوم العالمي للغة العربية نقدم التوصيات التي من شأنها الحفاظ علي إرث هويتنا (لغتنا) _ولكنها _ سرعان ما تتبخر مع دوران عجلة الزمان ، وما يصاحبها من تواتر تحديات ضياع الهوية حيث تواجه لغتنا تحديًا وجوديًا من تآكل قواعدها بفعل التغريب والتأثر بالثقافات الأخرى وانهيار القيم وتغير الأبعاد الثقافية والاجتماعية وتشتت الهوية وتراجع دورها كلغة علم وثقافة، واستبدالها بالعاميات واللغات الأجنبية في مجالات حيوية عديدة خاصة بين الشباب مما يهدد الشخصية الثقافية للأمة ويضع لغتنا بين (آنين) ما وصلت إليه من تغريب و(حنين) العودة إلي قواعدها الرصينة سالمة غانمة ، فهل من مجيب ؟!
