بقلم : جمال حشاد
يُعدّ الإنسان كائنًا معقّدًا وهو يتكوّن من ثلاثة أبعاد متكاملة هي: الجسد، والنفس، والروح، ولا يمكن فهم حقيقة الإنسان أو تحقيق توازنه إلا من خلال فهم العلاقة العميقة التي تربط بين هذه العناصر الثلاثة.
الجسد : الإطار المادي الذي نعيش من خلاله في هذا العالم. به نتحرّك، ونأكل، ونعمل، ونتفاعل مع البيئة من حولنا. وهو بحاجة دائمة إلى العناية والاهتمام من غذاء صحي، وراحة، ونظافة، لأن سلامته تنعكس مباشرة على الحالة النفسية والعقلية للإنسان. فالجسد ليس مجرد وعاء، بل شريك أساسي في رحلة الحياة.
أما النفس: موضع المشاعر والرغبات والانفعالات، ومنها تنبع السعادة والحزن، والطمأنينة والقلق. وقد تكون النفس مطمئنة إذا زُكّيت بالخير والقيم، وقد تكون مضطربة إذا استسلمت للشهوات أو الضغوط. ولهذا أولت الأديان والفلسفات عناية كبيرة بتربية النفس وتهذيبها، لأن صلاحها يؤدي إلى استقامة السلوك واستقرار الحياة.
وتمثّل الروح : البعد الأسمى في الإنسان، وهي النفخة الإلهية التي تمنحه الحياة والمعنى. بالروح يسمو الإنسان فوق الماديات، ويتصل بالقيم العليا مثل: الإيمان، والصدق، والمحبة، والسلام الداخلي. وعندما تتغذي الروح بالعبادة والتأمل والعمل الصالح، يشعر الإنسان بالسكينة حتى في أصعب الظروف.
إن التوازن الحقيقي يتحقق عندما يُلبّى حق الجسد دون إفراط، وتُهذَّب النفس دون قسوة، وتُغذّى الروح دون إهمال. فالجسد القوي بلا روح واعية قد ينحرف، والروح السامية في جسد منهك تعجز عن العطاء، والنفس المضطربة تعكّر صفو الاثنين معًا.
إن الإنسان الناجح من يدرك أن النفس والروح والجسد ليست عناصر منفصلة، بل منظومة واحدة متكاملة، وبصلاحها جميعًا تتحقق إنسانية الإنسان وسعادته في الدنيا وينعم بالآخرة.
ولن تتحقق تلك الإنسانية الحقة إلا بالتسامح والمحبة والعطاء دون انتظار المقابل المادي او المعنوى.. فهنيئا من اتسمت روحه بمحبة العطاء واتصفت نفسه بالتسامح ونبذ الحقد والكراهية وطهر جسده بالعيش الحلال الطيب.. لتلقي ربها راضية مطمئنة وتكون الجنة مآلها.
