تقارير

تونس تحيي ذكرى عيد الاستقلال وسط تأملات في مسار الدولة الوطنية

عبدالله القطاري 

تحيي تونس ذكرى عيد الاستقلال، وهو الحدث الذي شكّل تتويجًا لمسيرة كفاح طويلة خاضتها أجيال متعاقبة من الوطنيين، مستندة إلى جذور إصلاحية بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر. فقد كانت البلاد سبّاقة في تحقيق إنجازات حضارية بارزة، من أبرزها إلغاء الرقّ عام 1846، وإصدار عهد الأمان عام 1857، ثم وضع أول دستور عصري في العالم الإسلامي عام 1861، وهي محطات أساسية ساهمت في تشكيل وعي وطني قاد لاحقًا إلى الاستقلال.

وبعد تحقيق الاستقلال، قامت الدولة الوطنية على أسس المعاصرة والتحديث، حيث تم إطلاق إصلاحات جوهرية شملت تحرير المرأة، وتوحيد القضاء، وتعميم التعليم الإجباري، وتعزيز النظام الصحي، وتأميم الأراضي الاستعمارية، وتطوير الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، مما ساهم في بناء نموذج مجتمعي متقدم.

ومع ذلك، لم يكن المسار السياسي بعد الاستقلال خاليًا من التحديات، حيث شهدت البلاد خلال فترتي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي نزعة تسلطية أثّرت على الإصلاح السياسي وأضعفت التجربة الديمقراطية. كما أن مرحلة ما بعد 2011 لم تنجح في استكمال مسار بناء دولة وطنية ديمقراطية متقدمة تستند إلى العقلانية والبراغماتية، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى لتحقيق نهضة حقيقية، بعيدًا عن الصراعات الأيديولوجية والخيارات غير المجدية.

وفي هذه المناسبة الوطنية، تبقى ذكرى الشهداء والمناضلين الذين ضحّوا من أجل استقلال تونس حاضرة في وجدان الأجيال، فيما يظل التحدي الأكبر هو مواصلة البناء وتحقيق تطلعات الشعب نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى