ملفات و تحقيقات

السُّدم لوحات كونية.. ترسمها النجوم في الفضاء

نجده محمد رضا

في أعماق الفضاء الخارجي، وعلى مسافات شاسعة من كوكب الأرض، تتشكّل أجمل وأغرب الظواهر الكونية: السُّدم. إنها غيوم ضخمة من الغبار والغاز، تتوهّج بألوان زاهية وتُعد بمثابة “حاضنات” ولادة النجوم الجديدة، حيث يبدأ فيها تكون النجوم والكواكب.

ما هي السُّدم
السُّدم (مفردها سَديم) هي سحب ضخمة من الغاز، خاصة الهيدروجين والهيليوم، إضافة إلى الغبار الكوني. تختلف ألوانها وأشكالها باختلاف مكوناتها ومصدر الإشعاع الذي تتعرض له. بعضها يتوهّج بفعل إشعاع النجوم القريبة، والبعض الآخر يعكس الضوء أو يحجبه تمامًا.

أنواع السُّدم:
1. السُّدم الانبعاثية
تصدر ضوءًا ذاتيًا نتيجة تأين الغازات بفضل النجوم الحارّة القريبة. مثالها الشهير: سديم الجبار (Orion Nebula).

2. السُّدم العاكسة
لا تصدر ضوءًا من ذاتها، لكنها تعكس ضوء النجوم المجاورة، وغالبًا ما تظهر بلون أزرق.

3. السُّدم المظلمة
تتكون من غبار كثيف يحجب الضوء خلفها، وتظهر كبقع سوداء وسط النجوم، مثل سديم الحصان.

4. سُدم الكواكب
بقايا نجوم ماتت وانكمشت، مثل سديم الحلقة في كوكبة القيثارة.

5. بقايا المستعرات العظمى
وهي سحب ناتجة عن انفجار نجم ضخم، مثل سديم السرطان.

أهميتها الفلكية
تلعب السُّدم دورًا محوريًا في دورة حياة النجوم، فهي المكان الذي تولد فيه النجوم الجديدة، ومن بقايا النجوم الميتة تتكون سُدم أخرى. لذا فإن دراسة السُّدم تساعد العلماء على فهم نشأة النجوم وتطور المجرات.

رؤية السُّدم:
لا يمكن رؤية معظم السُّدم بالعين المجردة من الأرض، لكن يمكن رؤيتها باستخدام التلسكوبات، وقد أرسلت ناسا تلسكوبات فضائية مثل “هابل” و”جيمس ويب” لالتقاط صور مذهلة لهذه العوالم

السُّدم ليست مجرد سحب عشوائية في الفضاء، بل هي سجلات كونية لحياة النجوم والمجرات. إن مراقبتها ودراستها تمنحنا نظرة أعمق إلى أصل السدم

الحقيقة أن الألوان التي نراها في صور السدم ليست دائمًا الألوان الحقيقية كما قد نراها بأعيننا. يعتمد الفلكيون على تقنيات معينة لالتقاط هذه الألوان، ومنها:

1. التصوير بالترددات المتعددة
يستخدم الفلكيون كاميرات خاصة ومراصد تستطيع التقاط الضوء في نطاقات ترددية مختلفة، مثل الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء.يساهم ذلك في الكشف عن تفاصيل وألوان غير مرئية بالعين المجردة.

2. الألوان الزائفة
أحيانًايستخدم الفلكيون تقنية تسمى الألوان الزائفة (False Color) حيث يتم تمثيل الضوء غير المرئي بألوان مرئية لتوضيح تفاصيل معينة. مثلًا، يمكن تمثيل الأشعة تحت الحمراء باللون الأحمر، والأشعة فوق البنفسجية باللون الأزرق.

3. التقاط الضوء المنبعث من العناصر الكيميائية
تختلف العناصر الكيميائية في الفضاء في طريقة انبعاثها للضوء. مثلًا، الغازات مثل الهيدروجين تتوهج باللون الأحمر، والأكسجين يتوهج بالأخضر، والنيتروجين يتوهج بالأزرق. عندما يلتقط الفلكيون صور السدم، يمكنهم تحليل الأطياف الضوئية لتحديد الألوان الناتجة عن هذه العناصر

التقنيات العلمية الحديثة مثل التصوير بالترددات المتعددة واستخدام الألوان الزائفة تساعد الفلكيين على إظهار جمال وألوان السدم بطريقة واضحة، مما يجعلها أكثر جاذبية وفهمًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى