ديني

سلسلة من مقاصد الحج: من اسرار ومقاصد الحج

كتبه د. ابراهيم عوض

المقصد الثالث: تنقية النفس من الأخلاق المذمومة:

فقد نهى اللهُ -سبحانه- الحاج عن الفحش والسباب واللغو والجدال والمماراة، فقال تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}[البقرة: 197].

وذلك تعظيمًا لفريضة الحج من جهة، وليعتاد المسلم على الابتعاد عن مثل هذه الأخلاق المذمومة بعد الحج من جهة أخرى؛ لأنها مذمومة في كلّ زمان ومكان.

يقول الشيخ السعدي: «يجب أن تعظّموا الإحرام بالحج، وتصونوه عن كلّ ما يفسده أو ينقصه، من الرفث وهو: الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصًا عند النساء بحضرتهن، والفسوق وهو: جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام، والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشرّ وتُوقِع العداوة، والمقصود من الحج الذلّ والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات؛ فإنه بذلك يكون مبرورًا، والمبرور ليس له جزاء إلّا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كلّ مكان وزمان، فإنها يتغلّظ المنع عنها في الحج»[7].

المقصد الرابع: التنبيه على أهمية الاستعداد للآخرة:

فقد نبّه سبحانه الحاج الذي يتزود عند سفره بما يكفيه من زاد الدنيا ليصل إلى وجهته سالمًا ألّا ينسى التزوّد للدار الآخرة، وخير ما يتزود به في سفره للدار الآخرة تقواه سبحانه، وذلك بفعل الطاعات واجتناب المعاصي والسيئات، حيث قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}[البقرة: 197].

يقول ابن القيم -رحمه الله-: «أمر الحاج بأن يتزودوا لسفرهم، ولا يسافروا بغير زاد، ثم نبههم على زاد سفر الآخرة، وهو التقوى، فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه، فكذلك المسافر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا يصل إلّا بزاد من التقوى، فجمع بين الزادَين»[8].

المقصد الخامس: الحثّ على تعظيم شعائر الله سبحانه:

فشعائر الله هي أعلام دينه الظاهرة وأوامره ونواهيه التي تعبدنا بها، وتعظيم هذه الشعائر علامة على قرب العبد من ربه، ودليل ساطع على تقواه، وهي مقصد عظيم من مقاصد الحج؛ فالمسلم عندما يعتاد على تعظيم شعائر الله المتمثلة في أعمال الحج من الطواف والوقوف بعرفة ورمي الجمار وذبح الهدي وغيرها، فإنّ ذلك يربي في نفسه تعظيم أوامر الله وتقواه في كلّ وقت؛ لذلك قال الله -سبحانه- في ذيل الحديث عن أعمال الحج: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج: 32].

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى