حين يفقد المجتمع خوفه من الله والقانون

كتب محمد غريب الشهاوى
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتعاظم فيه المآسي، لم يعد القتل مجرّد خبر عابر في نشرة المساء، بل أصبح مشهدًا متكررًا في صفحات الواقع اليومية. قضايا القتل العمد، التربّص، والغدر، لم تعد صادمة كما كانت، والناس لم يعودوا يجزعون كما في السابق. والسبب؟ ببساطة: ضمير مات، وقانون يُخترق، وخوفٌ زال.
أين ذهبت الرحمة؟
كيف وصل بعض الناس إلى درجة أن يُزهقوا أرواحًا دون ندم، وأن يُخيفهم الفضيح أكثر من القتل نفسه؟ الجشع أصبح مبررًا للظلم، والخلافات تبريرًا لسفك الدم، والمصلحة الشخصية مسوغًا لتدمير الآخرين. والأخطر: أن هذا يحدث أحيانًا بأيدٍ متعلمة، وربما “متدينة” في الظاهر.
حين يغيب القانون… تتوحش النفوس
القانون حين يتباطأ، أو يُستخدم بانتقائية، يتحوّل من درعٍ للحماية إلى أداةٍ للانتقام أو للفرار من العقوبة. والمجرم حين لا يجد رادعًا، يتمادى. والمظلوم حين لا يجد إنصافًا، يفقد الأمل. وهنا يصبح الخوف من القانون مجرد وهم، والعدالة حلمًا مؤجلاً.
هل انتهى دور الدين؟
العبادات في المساجد والكنائس لا تكتمل ما لم تُترجم في الأخلاق. التدين ليس مظهرًا ولا شعارًا، بل سلوك يظهر وقت القوة والاختلاف والغضب. نحن بحاجة إلى العودة للدين بمعناه الجوهري: الرحمة، الأمانة، حفظ النفس، وكراهية الظلم.
بتربية جيل يخاف الله في السر والعلن.
بتعليم أولادنا أن الإنسان أغلى من المال، وأن الغدر خيانة لله قبل أن يكون للناس.
وبأن نطالب بقانون عادل يُطبق بسرعة وصرامة، بلا تمييز ولا استثناءات.
في النهاية…
المجتمعات لا تنهار فجأة، بل تسقط حين يصمت أهل الحق، ويتكلم أهل الباطل بلا رادع. فلنكن نحن هذا الرادع، بالكلمة، بالموقف، وبالتربية.