ديني

حتي يغيروا ما بأنفسهم

د.ابراهيم عوض 

إذا أردتَ أن تتغيَّر، فابدأ بقلبكَ أوَّلاً.

كان أحد الصالحين يقول: الشَّجاعةُ ليست هي قوة البدن، فقد يكون الرجلُ قوي البدن ضعيف القلب، وإنما الشَّجاعة قوة القلب وثباته.

الأمرُ ببساطة، إذا أردتَ تغيير العالم من حولك، عليكَ أن تتغيَّرَ أنتَ أوَّلاً.

غيِّر نظرتكَ للعالم، يتغيَّرُ العالم في نظرك.

عندما تبحثُ عن التغيير خارج قلبكَ، فستبقى تبحثُ عنه إلى الأبد.

 وعندما تبحثُ عنه في قلبكَ، فستجد أنك قد عثرتَ عليه كما يتعثرُ المرءُ بضالته. التغيير يبدأ منكَ أنت وليس من الآخرين.

صحيح أن الإنسان لا يعيشُ وحده على ظهر هذا الكوكب، وأن الناس لا يستغنون عن الناس، ولكن ما أعنيه أن تكون أنتَ سيد حياتكَ، تعيشُ لأجل مبادئك، ولو رآها الناس رثةً، ولا تنحني أمام رياح التغيير، إن كنتَ تعرفُ أنها ستغيِّركَ للأسوأ.

 أن تتغيَّر لا يعني أن تكون مجبراً على أن تتغير، هذا اسمه التَّكيّف ليس إلا، أما التَّغيرُ: فهو اقتناعك التَّام بأنَّ ما أنتَ عليه لا يجب أن تبقى عليه، بغضِّ النَّظر عن شكل العالم في الخارج.

كانت الرَّاهبة الكاثوليكيّة الأم تريزا” تزور مصنعًا في الهند، فلفتَ انتباهها عاملٌ في زاوية من زوايا المصنع ينشد الأهازيج وتعلو محياه علامات السعادة، فاقتربت منه، فإذا هو يجمع المسامير ويضعها في عُلب خاصة شأنه شأن بعض رفاقه بالقرب منه، فزاد هذا الأمر استغرابها، فسألته: ماذا تفعل؟فقال: أنا أصنع طائرات ،فقالت له باستغراب: طائرات ،فقال: أجل سيدتي طائرات، هذه الطلبية لشركة تصنيع طائرات، والطائرات العملاقة التي تركبينها لا يمكن أن تطير دون هذه المسامير الصغيرة.

أقول: نظرتنا لأنفسنا هي التي تُحدد قيمتنا في الحياة، فرق كبير بين من يرى نفسه جامع المسامير في عُلب، وبين من يرى نفسه شريكًا في صنع الطائرة.

 قال العلامة الأديب علي الطنطاوي :ﻟﻴﻌﻤﺪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺮﺗﻪ ﻓﻴﺤﺎﻭﻝ ﺇﺻﻼﺣﻬﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﺔ ﻫﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ أُﺳَﺮٍ، ﻓﺈﺫﺍ ﺻﻠﺤﺖ ﺍﻷﺳﺮ ﺻﻠﺤﺖ ﺍﻷﻣﺔ.ذكريات (٥/ ٦).

وقيل: ﺳﺮ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻤﺼﻠﻴﻦ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺩﻭﻥ ﻓﻮﺿﻰ، ﻫﻮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻓﺮﺩ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﻨﻔﺴﻪ، وﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ: ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻫﺎﺋﻞ ﺧﻼﻝ ﻟﺤﻈﺎﺕ. 

ﻟﻮ ﻃﺒﻘﻨﺎ ﻗﺎﻋﺪﺓ: ﺍﺑﺪﺃ ﺑﻨﻔﺴﻚ، ﺳﻴﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ حتمًا.

وقيل أيضًا:ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺃﻳﻦ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ؟

ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﻮﻝ:ﺃﻳﻦ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﺪِّﻳﻦ؟

 ﻳﺮﻳﺪ الكثير منا اليوم: ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻲ المسجد ﺍﻷﻗﺼﻰ. 

وأقول:ركعة ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻗﺮﺏ بيتنا ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ أقصى.

قال أبو العتاهية:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها

إن السفينة لا تجري على اليبسِ.

أسعدكم الله سعادةالدارين، ورزقكم خيري الدنيا والآخرة ، وحقق أحلامكم ، ووسع أرزاقكم بغير حساب ولا عقاب ولا سابقة عذاب.. اللهم آمين يارب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى