في ذكرى حرب أكتوبر: دور القوات البحرية في الحصار والسيطرة على الممرات المائية

أحمد القاضي حسني القاضي الأنصاري
عند الحديث عن حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، غالبًا ما يُسلط الضوء على المعارك البرية والجوية، غير أن هناك بطلًا صامتًا لعب دورًا محوريًا في تحقيق النصر، وهو القوات البحرية المصرية. منذ اللحظة الأولى للحرب، أدركت القيادة المصرية أهمية السيطرة على الممرات البحرية، خصوصًا البحر الأحمر والبحر المتوسط، بهدف منع الإمدادات عن العدو، وحماية الجبهة الداخلية من أي تهديد بحري.
الحصار البحري: ضربة استراتيجية قاصمة
في اليوم الأول من الحرب، نجحت القوات البحرية المصرية في فرض حصار بحري كامل على إسرائيل، بإغلاق مضيق باب المندب بالتعاون مع القوات اليمنية، مما قطع طريق الإمدادات النفطية والعسكرية القادمة من أفريقيا وإيران. هذا القرار الاستراتيجي حرم العدو من موارد حيوية، وأجبره على الاعتماد على جسر جوي مكلف من الولايات المتحدة، مما أحدث خللًا كبيرًا في حساباته.
المعارك البحرية: كفاءة وتكتيك
خاضت القوات البحرية المصرية معارك حاسمة، منها معركة رأس محمد ومعركة بلطيم، استخدمت فيها الزوارق الصاروخية صواريخ “ستايكس” بنجاح، وتمكنت من إغراق وحدات إسرائيلية متقدمة، رغم تفوق العدو عدديًا وتسليحيًا. اعتمدت البحرية على عنصر المفاجأة وسرعة المناورة، وأثبتت قدرتها على تنفيذ عمليات دقيقة وفعالة، مما رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة والشعب.
تأمين الجبهة الداخلية
لم تقتصر المهام على الهجوم، بل أدت القوات البحرية دورًا دفاعيًا مهمًا في حماية السواحل المصرية من أي محاولات تسلل أو إنزال بحري، مما ضمن استقرار الجبهة الداخلية، وسمح للقيادة بالتركيز على المعارك في سيناء.
خاتمة: نصر من أعماق البحر
رغم أن دور البحرية في حرب أكتوبر لم يحظَ بالضوء الكافي إعلاميًا، إلا أنه كان من العوامل الحاسمة في ترجيح كفة النصر. لقد أثبتت القوات البحرية أنها قوة استراتيجية حقيقية، قادرة على فرض واقع جديد في ميادين القتال، من أعماق البحر حتى أعالي السياسة.