علمي

إنجاز مصري مبهر.. مصريون على طريق العالمية

 

بقلم: محمد القماش

 

في إنجاز علمي مبهر يضع مصر في مصاف الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا، قاد العالم المصري الدكتور محمد حسن، الأستاذ المشارك في الفيزياء وعلوم البصريات بجامعة أريزونا الأمريكية، فريقًا بحثيًا تمكن من تطوير ترانزستور ضوئي جديد يُعد بمثابة ثورة في عالم الحوسبة.

 

التقنية الجديدة التي توصل إليها الفريق تسمح بتشغيل الحواسيب بسرعات تفوق المعالجات التقليدية بمليون مرة، حيث اعتمد العلماء على نبضات ضوئية فائقة السرعة تدوم لأقل من جزء من تريليون من الثانية للتلاعب بالإلكترونات داخل مادة الغرافين. ومن خلال توظيف ظاهرة فيزيائية تُعرف بـ “النفق الكمومي”، تمكّن الباحثون من تسجيل مرور الإلكترونات عبر حاجز مادي بشكل شبه لحظي، وهو إنجاز يعيد رسم حدود القدرة على معالجة البيانات إلكترونيًا.

 

وقد نشرت جامعة أريزونا تفاصيل هذا الاكتشاف العلمي الرائد، فيما سلّطت الضوء دراسة علمية صدرت في دورية Nature Communications على أهمية هذه التقنية، التي من شأنها أن تفتح المجال أمام سرعات معالجة في نطاق “البيتاهيرتز”؛ ما يعني التفوق على المعالجات الحديثة بأكثر من ألف مرة.

 

الدكتور محمد حسن، الحاصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في الفيزياء من جامعة القاهرة عامي 2003 و2008، صرّح بأن هذه القفزة التكنولوجية ستمهد الطريق لثورة في مجال الحوسبة، مشيرًا إلى أن السرعة الفائقة في إرسال البيانات قد تعيد تشكيل مستقبل التكنولوجيا بشكل كامل. وأوضح حسن أن العالم شهد تطورًا كبيرًا في برمجيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن تطور العتاد الصلب لم يواكب هذا التقدم، وهو ما يسعى لإنجازه عبر الحوسبة القائمة على الضوء.

 

وأضاف حسن: “بفضل اكتشافات الحوسبة الكمومية، يمكننا بناء أجهزة تواكب هذه الثورة الرقمية. إن الحواسيب فائقة السرعة ستفتح آفاقًا هائلة في أبحاث الفضاء، وتطوير الأدوية، والتقدم في الرعاية الصحية، فضلًا عن الكيمياء ومجالات أخرى عديدة”.

 

وقد شارك في هذا المشروع العلمي الضخم نخبة من الباحثين إلى جانب الدكتور حسن، من بينهم الدكتور نيكولاي غولوبيف، الأستاذ المساعد في الفيزياء؛ ومحمد سناري، طالب دراسات عليا يدرس البصريات والفيزياء؛ وجليل شاه، باحث ما بعد الدكتوراه؛ ومينغروي يوان، طالب دراسات عليا في البصريات. كما تعاون الفريق مع مختبر الدفع النفاث التابع لمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، بالإضافة إلى جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ بألمانيا.

 

استخدم الفريق ترانزستورًا ضوئيًا مصنوعًا من الغرافين ومتوافرًا تجاريًا، بعد أن قام بتعديله بإضافة طبقة سيليكون خاصة. واعتمدوا على ليزر يعمل بتردد تشغيل وإيقاف يبلغ 638 أتوثانية – علمًا بأن الأتوثانية تساوي واحدًا من كوينتيليون من الثانية – ليبتكروا ما وصفه الدكتور حسن بأنه “أسرع ترانزستور كمومي في العالم يعمل بسرعة البيتاهيرتز”.

 

هذا الترانزستور الضوئي يُعد حجر الأساس للحوسبة المستقبلية، فهو لا يحتاج إلى ظروف تشغيل خاصة مثل التبريد الشديد أو الضغط العالي، بل يعمل بكفاءة تحت ظروف بيئية عادية، ما يمهّد الطريق نحو استخدامه في الإلكترونيات اليومية، من هواتف ذكية إلى الحواسيب العملاقة.

 

وفي خطوة متقدمة نحو تحويل هذا الاكتشاف إلى منتج عملي، يعمل الدكتور حسن حاليًا بالتعاون مع مكتب Tech Launch Arizona لتسجيل براءة الاختراع وتسويق التقنية، مؤكدًا أن العمل جارٍ حاليًا على تطوير نسخة من الترانزستور الجديد يمكن تشغيلها باستخدام معدات متوافرة تجاريًا، بما يضمن وصول هذا الإنجاز إلى أيدي المستخدمين في المستقبل القريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى