د. إيمان بشير ابوكبدة
وفقًا لفوكس نيوز، لضرب موقع فوردو تحت الأرض، كانت قاذفات الشبح الأمريكية بي-2 ستستخدم ست قنابل من طراز Gbu-57 Mop (قنابل اختراق الذخائر الضخمة)، وهو نوع خاص من القنابل يزن أكثر من 13 طنًا، وهو أقوى سلاح تقليدي في الترسانة الأمريكية، مصمم خصيصًا لتدمير المخابئ المحصنة تحت الأرض. نظرًا لحجمه الضخم، الذي يبلغ طوله 6.25 مترًا، لا تستطيع قاذفة بي-2 حمل سوى قنبلة Mop أو قنبلتين في كل مهمة. ووفقًا للقوات المسلحة الأمريكية، يمكن لهذه القنبلة اختراق أكثر من 60 مترًا من الخرسانة المسلحة، مما يجعلها فعالة ضد أكثر الهياكل تحت الأرض حمايةً في العالم.
ما هو “مدمر المخابئ”؟
يشير مصطلح “القنابل الخارقة للتحصينات” إلى فئة من القنابل المصممة لاختراق طبقات الخرسانة المسلحة والفولاذ والصخور قبل انفجارها. والغرض منها: تدمير المنشآت العسكرية الموجودة تحت الأرض أو المحمية بتعزيزات ثقيلة. صُممت هذه الأسلحة لتلبية حاجة استراتيجية محددة: ضرب مراكز القيادة ومستودعات الصواريخ، وخاصةً المنشآت النووية المخفية أو المحمية بهياكل عميقة ومدرعة.
أقوى هذه القنابل المتوفرة حاليًا للولايات المتحدة هي قنبلة GBU-57A/B MOP (قنبلة خارقة للذخائر الضخمة). وهي قنبلة تزن حوالي 14 طنًا، قادرة على اختراق ما يصل إلى 60 مترًا من الخرسانة المسلحة أو أكثر من 100 متر من الأراضي الصخرية قبل الانفجار.
لماذا الحديث عن “قنبلة خارقة للتحصينات” فيما يتعلق بإيران؟
إن الصلة بين “القنابل الخارقة للتحصينات” وإيران ليست جديدة، لكنها عادت إلى الواجهة في الأيام الأخيرة. فالبرنامج النووي الإيراني، الذي أدانته الولايات المتحدة وإسرائيل مرارًا وتكرارًا لاحتمالية استهدافه لأسلحة ذرية، يضم مواقع رئيسية محمية تحت الأرض. ومن بين هذه المواقع، تبرز منشأة فوردو، المحفورة في عمق جبل قرب مدينة قم، والتي تُعتبر من أصعب المواقع عرضة للقصف بالأسلحة التقليدية.
تعد قنبلة GBU-57 من الأسلحة القليلة الموجودة التي يمكنها نظريًا إلحاق أضرار جسيمة بمنشآت من هذا النوع. ومع ذلك، ووفقًا لعدة تحليلات، قد لا تكون حتى قنبلة MOP كافية لتدمير أعمق البنى التحتية وأكثرها حمايةً تدميرًا كاملًا.
علاوة على ذلك، ناقش الكونغرس الأميركي في الأشهر الأخيرة إمكانية تزويد إسرائيل بإصدارات أكثر تقدماً من هذه الأسلحة أو التعاون في توجيه ضربة وقائية محتملة، في حال تجاوز البرنامج الإيراني “عتبة التسامح” بالنسبة لواشنطن وتل أبيب.
فوردو، القلب تحت الأرض للبرنامج النووي الإيراني
تعد منشأة فوردو (أو فوردو) من أكثر المواقع حساسية وإثارةً للجدل في البرنامج النووي الإيراني. تقع على بُعد حوالي 30 كيلومترًا جنوب مدينة قم، وقد حُفرت عميقًا في جبل، خصيصًا لتحمُّل الضربات الجوية. وقد كشفت أجهزة الاستخبارات الغربية عن وجودها عام 2009، مما أثار موجةً من القلق الدولي.
وبحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تستضيف فوردو أكثر من ألف جهاز طرد مركزي متقدم لتخصيب اليورانيوم من طراز IR-6، مع القدرة على إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، وهي عتبة تعتبر قريبة للغاية من المستوى اللازم للاستخدام العسكري (وهو حوالي 90%).
بفضل موقعها المحميّ تحت الأرض، تعد فوردو إحدى العقبات الرئيسية أمام أي خيار عسكري. صُمّم هيكلها ليس فقط لتصعيب الهجوم التقليدي، بل أيضًا لضمان استمرارية البرنامج في حال القصف: حتى في حال حدوث ضرر جزئي، يُمكن لبعض أجهزة الطرد المركزي الاستمرار في العمل.
لهذا السبب، تُعدّ فوردو رمزًا للتحدي التقني والاستراتيجي الذي يُمثّله البرنامج النووي الإيراني. ولهذا السبب، يُعتبر الخبراء أسلحةً مثل GBU-57 من الحلول القليلة القادرة على تعريض الموقع للخطر بشكل جدّي.
كيف تعمل القنبلة من الناحية الفنية
تلقى قنبلة GBU-57 من قاذفات ثقيلة مثل B-2 Spirit، وهي طائرة شبح قادرة على التهرب من رادار العدو. تستخدم القنبلة الطاقة الحركية لوزنها وشحنة متفجرة مؤجلة، لا تفعّل إلا بعد اختراق الطبقات الواقية المختلفة. وبالتالي، يحدث الانفجار داخل الهيكل المراد تدميره، مما يزيد الضرر إلى أقصى حد.
وهناك أيضًا نماذج أصغر وأقل قوة، مثل GBU-28، التي استخدمت في الماضي في صراعات مثل حرب الخليج وأفغانستان.
مخاطر التصعيد
أي استخدام للقنابل الخارقة للتحصينات ضد المواقع النووية الإيرانية ستكون له تداعيات هائلة. فمن جهة، سيُقلل استهداف المنشآت تحت الأرض بشكل كبير من قدرات طهران على تخصيب اليورانيوم. ومن جهة أخرى، قد يُنذر مثل هذا الهجوم بصراع شامل في الشرق الأوسط، مع ردّ انتقامي ليس فقط ضد إسرائيل، بل أيضًا ضد القواعد الأمريكية في المنطقة.
وتهدد طهران أيضًا بالرد العالمي في حالة تعرضها لهجوم مباشر، واستخدام سلاح مثل GBU-57 من شأنه أن يمثل تصعيدًا لم يسبق له مثيل في صراع تقليدي.
