
بقلم/ انتصار عمار
إليكِ..
أيتها المعذبة
التي تسكن بين جنباتي
تبيت وأضلعي
وتستوطن ثنايا قلبي.
إليكِ..
أيتها القريبة، البعيدة.
الباقية، المسافرة.
الباكية، الضاحكة.
الحرة، الأسيرة.
الرقيقة، الثائرة.
أنتِ يا من تحملي
عبق ماضٍ رحل.
وحاضر مغترب.
وقادم تحمله أجنحة الزمن،
يتأرجح بين ناظري الحياة.
إليكِ نفسي.
أعلم أنك لازلتِ تتحملين عبثي.
وجدي، وهزلي.
وتحتضنين كبريائي.
وتتقبلين رسائل أسفي.
وأنك مللت دمعي.
وأزهقتك رقتي.
وأوجعتك مثاليتي.
وحطمك ضعفي.
أعلم أنك قد خارت قواك.
وكم أخجل منك، ومن لقياك.
كطفلٍ يخشي العقاب، جد رحماك!
حاولت التغير لأجلكِ
لكني فشلت.
فشلت، حينما نهرني أحدهم
ولم أستطع الرد.
حينما سُلبتُ أملي في الحياة
ولم أقو لأجله على الصد.
حينما قُتلت دموعي
ولم تمتد لها يد.
حينما رحل عني شتائي
ولم يبال ببعد.
حينما صرخت أنفاسي قهرًا
ولم يفيق الموتى بعد.
لا تبكي لأجلي.
فرغم كل مدن الحزن
التي زارتني.
وجابت شوارعي.
واستوطنت في
إلا أنني بخير.
الجميع يترقب وقوعي.
يسخر دومًا من حديث دموعي.
يُشعل فتيل شموعي.
لكني لم أعلن خضوعي.
وعبرت فوق هضاب الحزن.
حتى اقتلع الصبر اليأس من الجذوعِ.
ليزهر في فلا الأحلام ربيعًا.
يحيا في ربوعي.
أنا بخير يا نفسٌ.
لكني فقط أحتاج إليك.
كي ألملم شتات روحي.
وألتقط أنفاس حسي.
المبعثرة في أرجاء الحزن.
في عيون الأمسِ.
أحتاجك كصديق.
معي، لا يتغير علي
مهما صَعُب الطريق.
يئن لوجعي
دمعه بأعين الحزن بريق.
هو أنا، وليس فقط رفيق.
أعترف بضعفي في هذا العالم.
وكسر أحلامي في وجه الريح.
وهِرم قلبي، كعجوزٍ كسيح.
وموت قصائدي.
ونثر أبياتها على قبرٍ فسيح.
أرى كل تساؤلاتك يا نفس
تدور ولحظ عينيك.
إلى متى هشاشتي.
وضعفي. واستكانتي؟
فدمعُ طفلٍ يزلزل كياني.
ويعصف بصمتي.
ويُشعل ثورتي.
ودموع مظلومٍ
تقطع أوتار قلبي.
وتُظهر صورتي.
التي أواريها عن البشر
حتى لا يفوح شذا رقتي.
وكأنها جُرمٌ، وذنبٌ
يُعاقبُ عليه في مدينتي.
ومتى سأخلع عني عباءة العاطفة
ولا أبالي بتلك النظرة الخاطفة؟
وأهجر عالم الأساطير.
وأهبط على كوكب الواقع.
وأنثر فوق أشلائي كل زهرٍ ساطع.
وأحرق دفاتر الحنين.
في مستعمرات الأنين.
وأكف عن الترحال في عين الزمان، وسَبح السنين.
ونسج قصائد هاربة
من حصار أفكاري.
ومناجاة القمر سرًا.
حتى تشرق شمس نهاري.
إلى متى سأجسد دور
السندريلا التي أحبت الأمير.
وتناست قلبها بين دقات ساعة الزمن.
وأغرقتها رياح الأعاصير.
وباتت تبكي قدرًا
باعد بينها، وبينه.
رغم اختلاف الروايات
وحكي الأساطير.
آهِ يا نفسٌ
لقد سئمتُ مني.
ومن طول انتظاري
لفصلِ الربيع.
ومن أوراق عمري
التي تتساقط ورقة
تلو الأخرى، وهي تنسج
بين راحتيه، ثوب القصيد البديع.
ومن صيفٍ تبكي شمسه
حين تنزل البحر
تغسل ثوبها البالي
بأملٍ، كنسيمٍ وديع.
ومن ليلٍ أسمع نحيبه
حين يختلي بأوجاعي.
ومن عربة الزمن
التي تقودها أحلامي.
عذرًا يا نفس
ألتمس منك السماح.
في كل ما مضي، وما هو آتي.
فلم أخلق ذاتي.
ولا أقوى على التغيير.
ولا الفرار من مكتوبٍ
قُدر لي غيبًا أحياه.
وأحيا واقعًا عكس كل اتجاهاتي.
عذرًا
يا زهرة البنفسج الحاني.
إن غبتُ، ومات قلمي
ورحل نبض وجداني.
وباعد بيني، وبينك تراب الثرى.
وكنتِ بيت القصيد الفاني.
وذبُلت كل زهراتك، ولم يبق
هناك ربيعٌ حانِ.
ومات طائر الهوى
الذي كان يشدو بعذب ألحاني.
ولم يبق لي من الدنيا
سوى دمعة صادقة
تروي ظمأ شطآني.