بقلم/ إبراهيم الديب
مع شوقي ضيف والتعريف بموسوعته
“تاريخ الأدب العربي” المكونة من عشر مجلدات غطت جغرافية عالمنا العربية بكامله من المحيط للخليج منذ :عصره الجاهلي الذي سبق الإسلام حتى العصر الحديث ،خصص: الدكتور شوقي لكل قطر عربي مجلد خاص به، وقام بدمج عدة أقطار في مجلد واحد المهم أنه لم يترك جزء جغرافيا العالم العربي تحدث اللغة العربية وأنتج بها أدبا ،إلا وشمله بدراسة موسعة في كتابه : شاملة كل جوانب المجتمع من؛ ثقافة ،سياسة, تاريخ , اجتماع , لكل قطر ارخ له..
عنوان المجلد الأول :العصر الجاهلي، ثم “العصر الاسلامي ” دمجه مع العصر الاموي ثم “العصر العباسي الاول”يليه “العصر العباسي الثاني” المجلد الخامس بعنوان” عصر الدول والإمارات مصر ” يليه الشام” ويخص ليبيا وتونس وصقلية بمجلد ومجلد للمغرب العربي، واخر الاندلس ثم مجلد للسودان ومعه الدول الأفريقية التي: تعربت, يغطى كل مجلد من الموسوعة الضخمة القطر الذي يتناوله بالدراسة رأسيا حتى يصل للعصر الحديث …
أمتع واجمل الكتب عندي التي: تعكس سطورها كل ما يموج به المجتمع بداخله من :كل تعقيداته الحضارية ونسيج سكانه بعد: هضم الدكتور شوقي ضيف: للثقافة العربية الإسلامية وتراث اليونان من أدب وفلسفة وتمثله للثقافة الفارسية، وجزء من الثقافة الهندية و ما يموج به مجتمع الأندلس من أفكار, وتراث ثقافة بعض الدول الأفريقية التي فتحها الاسلام وعرب لسانها : قراءة ومناقشة الثقافة الوافدة بثقافة الموروث المتمثلة فى الثقافة الإسلامية ، من منطق القوة على سبيل المثال: الفلسفة اليونانية التي هضمها وتمثلها فلاسفة ومفكري الاسلام ثم أعادوا إنتاجها مشتملة على وجهة النظر الإسلامية الأكثر ثراء عن الكون والحياة والناس والآخر فمن: طبيعة الأشياء أن الأوسع نظراً يستوعب الاضيق أفقا ، والاكمل تصوراً يحتوي الانقص رؤية، فالتصور الاسلامي يتمتع بنظرة رحبة وأعمق للعالم ولذلك هضم كل هذه الروافد الثقافية واعاد صياغتها من جديد مع حفاظه على ثقافته وهويته وخصوصية بصمته حضارته الإسلامية..
وميزة أخرى لموسوعة شوقي ضيف أنك تلتمس بداخلها حياة الشعوب بكل تفاصيل حياتها اليومية ومشاعرهم على اختلاف حظوظهم من الثقافة وتقف على سر الخليط البشري تكون منه المجتمع ،وعلى تفاوت بين الفقر والثراء، وعلى اختلاف طبقاتهم الاجتماعية، ما يحدث من خلاف نتيجة، صراع لاختلاف رؤية وتصور للكون والحياة من إنسان لآخر ، ومن تقارب سلمي عند توافق الرؤى وانصهار الشعوب وذوبانها في بعضها البعض: لتصبح نسيجا واحداً يصعب الفصل بينها ، ثم تقف على ثمرة نتيجة هذا التقارب من فكر وشعور، وبأي صورة كانت عميقة أو ساذجة ؛عبرت هذه الشعوب عن نفسها على مدار تاريخها كل ذلك تقرأه درساً مزيجه أدبا ودينا وفلسفة وسير شعبية، أثناء تتجول في ذاكرة الأمة العربية الإسلامية بصحبة شوقي ضيف الذي تسلح بكل نظريات النقد الحديث ليقوم برد كل كتاب لعصره ولمؤلفه والقاء الضوء عليه بتأثيره في تلاميذه و محيطه وما يمثله من قيمة في سياقه التاريخي ليظل نص التراث بعد قراءة شوقي ضيف له بعد عرضه على نظريات النقد الحديث منفتحا كحالة ثقافية تستلهم من قيمه الجمالية نسقطه على وقعنا المعاصر فيظل بذلك تراثنا حيا .
قد تنسى نفسك أثناء القراءة رافضاً العودة مرة أخرى للواقع أو تأجيلها بعد سيرك خلف المؤلف ترى بعينه تسمع بإذنه أثناء توحدك معه بعد أن اخذ بتلابيبك يشرح لك بالسلوب ممتع وصورة دقيقة تفاصيل العصر الذي رحلت بصحبته راضياً مرافقته سعيداً بها ستجد نفسك تعيش مع هذه الجماعة من الناس ترثي لحزنها وما يعترضها من محن وخطوب و تشاركها أفراحها لما تصيبه من رغد العيش كأنك أصبحت احد افراد القوم، تحرص على حضور دروس فقه في المساجد ، وعلى عدم تفويتك محاضرة فلسفة في دار الحكمة : تتجول في مدن أقرب للريف منها للحضر شوارعها وازقتها لا تخلو من عملية بيع وشراء , ناس في شغل عن الجميع تطارد لقمة عيشها ؛دنيا صاخبة تعج بالحياة.
بدا تراث الأمة العربية والإسلامية في موسوعة شوقي ضيف مرتبا مبوبا سهل التناول فلكل من يرغب فى معرفة كل شئء عن الحضارة العربية الإسلامية عليه أن يقرأ موسوعة شوقي ضيف “تاريخ الادب العربي” أتمنى أن يحث هذا المقال عدد أكبر عدد من الناس لقراءتها؛ فما من مرة تجولت بداخلها إلا؛ وتمنيت افراغ محتواها بداخل رؤوس الناس من اجل الاستمتاع بها والاستفادة بمحتواها كما استمتعت ، فلن يستطيع المرء إضافة اعمار لعمره كما قال: العقاد الا بقراءة : تكون عقل, وتهذب نفس, وترقى بإحساس..
