ديني

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء

د/ حمدان محمد
في هذا الزمان نعيش مشاهد مؤلمة من الناس من يجلس في مجلس ويبدأ في التفاخر بماله أو رزقه أو أولاده أمام من لا يملك شيئًا من ذلك وكأن الحياة ضمنت له السعادة وكأن النعمة دائمة لا تزول والعجيب أن كثيرًا ممن يتكلمون عن المال والرزق هم في الحقيقة يعانون من نقص داخلي ويحاولون تعويضه بالكلام عن أشياء ظاهرها النعيم وباطنها الألم يظهرون الغنى وهم في ضيق ويتكلمون عن الأبناء وهم في تعب فيظنون أن إظهار النعمة يغطي على شعورهم بالنقص وهؤلاء نسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم (المتكلم عن النعمة بغير شكر كالمتكبر على العطاء حيث قال (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد) ومنهم من يتحدث عن أولاده وسعادته بهم أمام من حُرم الذرية دون مراعاة لمشاعر أو اعتبار لقلوب تتألم في صمت وقلوب لا يعلم حالها إلا الله قال الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم )أي يكفيه من الذنب أن يتسبب في جرح أخيه بكلمة أو تصرف أو تفاخر لا داعي له
أما من يستمع لهذه الكلمات وهو في ضيق أو حرمان فعليه أن يحمد الله على حاله ويصبر فإن الله لا يبتلي عبدًا إلا ليرفعه وقد قال الله تعالى( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
وقال تعالى (فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا )فقد يكون الفقر الذي أنت فيه سببًا في قربك من الله وقد يكون تأخر الذرية سببًا في نقاء قلبك وصدق دعائك
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن)
فلنحذر أن نُظهر النعمة على حساب مشاعر الناس فإن الله قال ولا تمش في الأرض مرحًا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولًا
ولنتذكر أن الستر نعمة وأن الرزق الحقيقي هو راحة القلب والرضا عن الله وإن لم يكن في يدك مال أو ولد فإن في قلبك ما هو أعظم
وأخيرًا فلنرحم بعضنا البعض ولنتق الله في كلامنا ونفوسنا ونتعامل مع الناس بلطف ورحمة فرب كلمة تؤلم قلبًا فتكون سببًا في سخط الله ورب صمت يرحم إنسانًا فيكون سببًا في رضا الله

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى