الأحد 6 ربيع الثاني 1447 | 28 - سبتمبر - 2025 - 5:03 م
الرئيسيةتقاريرمطالبة إماراتية بـ"حل الدولتين" ووقف فوري لإطلاق النار في غزة

مطالبة إماراتية بـ”حل الدولتين” ووقف فوري لإطلاق النار في غزة

د.نادي شلقامي

جددت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها الراسخ بمسارات الدبلوماسية والحوار من أجل تحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي، وذلك في بيانها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد ركزت الإمارات على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري في غزة وضمان التدفق الآمن والمستدام للمساعدات الإنسانية، مؤكدةً دعمها لحـل الدولتين سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام العادل والشامل. كما شددت الدولة على الأهمية القصوى لإطلاق سراح الرهائن وكافة الأسرى لتهدئة الأوضاع.

وشددت على رفض استهداف المدنيين أو الاعتداء على سيادة الدول، وأدانت الهجوم الإسرائيلي على قطر. كما جددت مطالبتها بإنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، وأكدت دعمها لسيادة المغرب على الصحراء.

وأبرزت الإمارات جهودها في الوساطة، ودعم السودان، ومبادراتها في المناخ، والمياه، والذكاء الاصطناعي، مع تعزيز مشاركة المرأة، بما يجسد رؤيتها لنظام دولي أكثر عدلاً واستدامة.

وفيما يلي بيان الدولة:

بيان الإمارات العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين

تلقيه: لانا زكي نسيبة، وزير دولة

السيد الرئيس،

حين وقف العالم على أنقاض الحرب قبل ثمانين عاماً، وجد نفسهُ أمامَ لحظةٍ مفصلية، تحتم الانتقال إلى نظامٍ جديد، بعد أنْ أثبتت النُظُم الدولية السائدة آنذاك فَشَلَها في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. وحينها، اختار العالم السلام، فاتِحاً ذِراعَيه لعهدٍ جديدٍ من التعاون والتكاتف الدولي، وهو ما تجسد في إنشاء هذه المنظمة.

واليوم، نَجِد أنفسنا مجدداً أمام لحظة فارِقة، في مَشهدٍ تسوده الاضطرابات والنزاعات، والأزمات الإنسانية، وتستَمِرُّ فيه تهديدات سيادة الدول، ومخاوف الانتشار النووي، فضلاً عن الأُطروحات المتطرفة التي تستهدف تهديد أسس الاستقرار والتنمية.

وأمام هذا المشهد، اختارت بلادي نهج الحكمة، وخفض التصعيد، وتسخير كافة إمكانياتها لِبِناء الجسور، وتَجَنُّب الصراعات، ووَضع مصالِح الشُعوب فوقَ كل اعتبار. وسَعَت لتدعيم آليّات التعاون الدولي، والعمل متعدد الأطراف، وقواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، وتعزيز احترام مبادئ حُسن الجوار، وسيادةِ الدول، إلى جانِب النُهوض بمَسعى جاد وفاعِل لِخَلق الفُرَص، وتحقيق التَقَدم في كافَة المجالات.

كما تَبَنَّت بلادي دبلوماسية إنسانية صادِقة تهدِف لِصَون كَرامَة الأفراد في أسوأ الظروف، وسعت كذلك لتقريب وُجهات النَظَر، التي نتج عنها تَبادُل آلاف الأَسرى بين روسيا وأوكرانيا، واستِضافَة محادثات السلام بين أذربيجان وأرمينيا، بجانِب مساعي التهدِئة في جنوب آسيا وغيرها.

وفي مُواجَهَة التَّحديات، تَلتَزِم بلادي بالدبلوماسية، والحلُول السلمية، والحِوار، وتَسعى لِحَل النِزاعات بشكلٍ مُستَدام بدلاً من الاكتفاء بإدارَتِها. وأيْنَما حَلَّت أنظارُنا، سَواءً في قِطاع غزة، أو أوكرانيا، أو السودان، أو في اليمن وليبيا والساحل، تَتَجَلّى أمامَنا الحاجَة للعَودةِ لهذا المسار.

وقد تَفاقَمَت العَديد من الأَزَمات حَولَنا بِفِعل الفِكر المتَطرف، وخِطاب الكَراهِية، والتحريض. ولذلك نَقود الجهود للدفع قُدُماً بأجِندَة “التسامح والسلم والأمن”، إعلاءً للقِيَم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة، ولكسر دَوَّامات النزاع.

ولا شك بأن ما نراهُ اليوم في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يُجَسِّد مَساعي دُعاة الحرب والتطرف لتَقويض مسارات الحلول السلمية. ولا يُمكن لأي ذريعة أن تبرر اسِتهداف عَشَرات الآلاف من المدنيين ومحاصرتهم وتجويعهم، وتهجيرهم قسراً، أو الدفع بأَطماع توسعية مرفوضة، بما في ذلك التهديد بِضَم الضفة الغربية.

وبالمِثل، فلا يمكن لأي حُجَّة أنْ تُبَرر اختطاف المدنيين، أو استخدامهم كأهداف للصراع، مؤكدين ضرورة حِمايتِهِم الكامِلة بموجب القانون الدولي الإنساني.

كما لا يُمكِن استِغلال هذا الوضع كَمُبَرر للاعتِداء على دول المنطقة، وهو ما شَهِدناهُ مؤخراً في الهجوم الإسرائيلي الغادِر والمُدان ضد دولة قطر الشَقيقة، والذي شَكّل انتهاكاً صارِخاً لسيادَتِها، ولأمن منطقة الخليج العربي، وخَرقاً للمبادئ الأساسية للنظام القانوني الدولي، ونؤمن بأنَّ الُممارسات العُدوانية لن تَجلِب الاستقرار للمنطقة.

وبالمقابل، آمَنَت بلادي دوماً بمركزية حَل الدولتين، وضَرورة تَجسيد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، عاصمَتُها القدس الشرقية، تَعيشُ جنباً إلى جَنب مع دولة إسرائيل، كَمَطْلَب أساسي لتحقيق حَل دائم وعادِل وشامِل لهذِه القضية، بوجود حكومةٍ فلسطينيةٍ كَفؤَة وقادِرة على تلبية تَطَلُّعات الشعب الفلسطيني، وحَصر السلاح بيَدِها، وضَمان الأمن والاستقرار وسيادة القانون، في وطنٍ لا مكانَ فيه للجماعات الإرهابية والمتطرفة.

كَما وتُرَحّب بلادي بتنامي الاعترافات بدولة فلسطين، ونُوجه دعوة صادِقة إلى بقية الدول للانضِمام لهذا المسار، استثماراً في مستقبل أفضل للمنطقة.

ولا يزال مَطْلَبُنا الأول والعاجِل هو التوصُّل لوقف إطلاق نار فوري ودائم في غزة، وإنهاء الحصار، وإطلاق سراح الرهائن والُمعتَقَلين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكلٍ عاجل، وعلى نطاق واسع، ودونَ عوائِق. وتُواصِل دولة الإمارات دورَها كأكبر مانِح للمُساعدات لغزة، مُسَخِّرةً لذلك كُل ما لديها من علاقات وموارِد وإمكانيات، وسنستمِر بالقيام بهذا الدور بالرغم من القُيود والعَراقيل.

وفي تَوَجُّهِنا بتغليب الحُلول الدبلوماسية وإرساء العدالة في النظام الدولي، ما زالت بلادي تضع قضية الجُزُر الإماراتية الثلاث الُمحتَلة، طُنبِ الكبرى وطُنبِ الصُّغرى وأبو موسى، في صَدارَةِ أولوياتِها الوطنية، حيث نستمر في مُطالَباتِنا لإيران بإنهاء احتلالِها لهذهِ الجُزُر، التي تُعَد جُزءاً لا يتجزأ من أراضي دولة الإمارات، وأن تستجيب لدعواتِنا المتكررة لحَل هذا النزاع، عن طريق المفاوضات المباشرة، أو اللجوء إلى محكَمَة العدل الدولية.

وحينَ نتحدث عن السيادة، لا يفوتُنا أن نُجدد دعمَنا الكامِل للسيادةِ المغربية على الصحراء المغربية، مع تأييدِنا لمُبادرة الحُكم الذاتي في إطار الوحدة التُرابية المغربية.

السيد الرئيس،

إنَّ همومَ منطقتنا ليست مَحصورة في المشهد الدامي في غزة، فَفي السودان كذلك، يواجه الشعب معاناةً إنسانيةً هائلة، وصَلت إلى حد الـمَجاعة. وتَقِفُ بلادي مع الشعب السوداني الشقيق في تَطَلُّعاتِه لانتهاء هذهِ الحرب الأهلية وتداعياتِها الإنسانية العميقة. وإذ نؤكد على أهمية البيان الصادر عن المجموعة الرباعية بشأن السودان، والدعوة لهدنة إنسانية، فإنَّنا نُشَدد على أهمية تحقيق وَقْف إطلاق نار فوري، وضَمان وصول المساعدات الإنسانية دونَ عوائِق إلى أنحاء البلاد.

إنَّ السلام الُمستدام لا يتحقق بالحُلول العسكرية، ولابُد من الدَّفْع نحوَ عملية انتقالية في السودان تُفْضي إلى حكومة مدنية مستقلة، لا تخضع لهيمَنَة أي من الأطراف الُمَتحارِبة، ولا مَكانَ فيها للتطرف والإرهاب.

السيد الرئيس،

تحْرِص بلادي على دعم أدوار المنظمات الدولية والآليات مُتَعَددة الأطراف. ومقابل هذا الالتزام، تتجَلّى أمامنا الحاجة المُلحَّة لتطوير وإصلاح آليات العمل المشترك، وعلى رأْسِها الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن. وتَنْظُر دولة الإمارات لمبادرة الأمم المتحدة الثمانين كفُرصَةٍ لتعزيز قُدرات المنظمة، مع أهمية أن تَتَضَمن هذه المبادرة رُؤية مستقبلية واضِحة لعملها في العُقود المقبلة.

وتَنْسَجِم هذه الرؤية الإصلاحية للأمم المتحدة مع النَهج الوطني الطَموح لدولة الإمارات، في ظِل التوجُّهات الحَكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حَفِظَهُ الله، القائِمة على نظام دولي فاعِل وعادِل وقادِر على خدمة البشرية، والعمل الجماعي لتحقيق نتائج شامِلة ومُستَدامة.

ويَنعَكِس ذلك على جوانِب عَديدة من سياساتِنا. ففي مجال الاقتصاد والتنمية، عَمِلْنا على مُضاعَفَة استثماراتِنا الاقتصادية الخارجية في مشاريع مُتنوعة، وتوسيع نطاق الشَراكات، وبالأَخص مع دول الجنوب، بما فيها دول القارَّة الأفريقية، والتي امتدت استثماراتنا فيها لِمُختلَفِ القِطاعات، إيماناً مِنّا بأهمية الانفِتاح والتواصُل لتحقيق التنمية والازدهار والاستقرار المشترك.

وفي مجال العُلوم، والتِكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، فقد حَرِصَت بلادي على تَسْخيرِها لدعم التنمية المستدامة على مستوى العالم، عبر بناء قدرات الدول في هذا المجال، مع احترام قِيَمِها وأولوياتِها الوطنية، ومُراعاة الاستخدام المسؤول والأخلاقي لهذه التقنيات، بما يتماشى مع القانون الدولي.

وفي سياق جُهودنا المستمرة لحماية البيئة، تُواصِل دولة الإمارات استثماراتها المتنامية في العمل الُمناخي الدولي، بما يدعم الحُلول الُمبْتَكَرَة في هذا المجال، ويعزز الطاقة النظيفة.

وتؤكد بلادي التزامَها الكامل بتنفيذ نتائج “اتفاق الإمارات” الُمنبَثِق عن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الذي انعقدَ في دبي عام ألفين وثلاثة وعشرين.

كما استثمرت بلادي الكثير للتصدي لتحديات ندرة المياه، بما في ذلك من خلال مُبادرة محمد بن زايد للماء، التي تدعم تطوير وتطبيق التقَنيات الرائدة لتعزيز الوصول المستدام لهذا المَورِدِ الأساسي.

وتستعد بلادي لاستِضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمِياه العام الُمقبِل مع جُمهورية السِنغال، والذي سنَسعى من خلالِه لتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، وتحفيز الاستثمار في الابتِكار.

وفي كافَة مشاريعِنا وتوَجُّهاتِنا، نسعى لتعزيز الُمشارَكة الكامِلة والهادِفة والمتساوية للمرأة، بوَصْفِها شريكاً أساسياً، وروح المجتمع.

وخِتاماً

في الوقتِ الذي تتعرض فيه المؤسساتُ الدولية للإضعاف، ويتعرض فيه القانون الدولي للتقويض، يَتعيّن علينا الالتزام بمسؤوليتنا المشتركة، لِضمان استمرارية نظامنا الدولي، واسترجاع مصداقيته، ولضمان الوصول لمستقبلٍ أفضل للأجيال القادمة

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا