د. نادي شلقامي
في خطوة جريئة تُرَسِّخ مكانتها كقوة رائدة في مجال التكنولوجيا والمستقبل، لم تعد السعودية تكتفِ بالبناء على الأرض، بل باتت تعيد رسم خريطة السماء. لقد تم تفعيل أول برج مراقبة جوية افتراضي في الشرق الأوسط، مُحَوِّلاً مطار العُلا الدولي إلى مسرحٍ لقفزة نوعية غير مسبوقة. هذا الإنجاز ليس مجرد تحديث تقني، بل هو إعلان عن دخول المملكة حقبة جديدة من الإدارة اللوجستية، حيث يتم التحكم في أدق تفاصيل الحركة الجوية عن بُعد بذكاء فائق.
وبذلك، تتحول العُلا، بتراثها العميق الذي يعود لآلاف السنين، إلى مركز مستقبلي يجمع بين عراقة التاريخ وريادة المستقبل، دافعةً نمو السياحة ومؤكدةً طموح المملكة لتحويل هذه المنطقة الشمالية الغربية إلى مركز لوجيستي عالمي لا يعرف المستحيل.
ونفَّذت شركة خدمات الملاحة الجوية السعودية مشروع برج المراقبة الافتراضي بموجب مذكرة تعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا وُقِّعت خلال مؤتمر مستقبل الطيران عام 2022، بعد أن تسلمت رخصة التشغيل من هيئة الطيران المدني، واستوفت جميع متطلبات السلامة والأمان.
وتعمل الشركة على مراقبة الحركة الجوية لمطار العُلا عن بُعد، من مركز البرج الافتراضي بمطار الملك عبد العزيز الدولي بمدينة جدة، عقب تأهيل كوادرها الوطنية لتشغيل وإدارة هذه التقنية المتقدمة.
ويعتمد البرج الافتراضي على أحدث التقنيات الرقمية، بما في ذلك كاميرات عالية الدقة بزاوية 360 درجة، وأجهزة استشعار متقدمة، وأنظمة ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات وتقديم رؤية شاملة للوضع الجوي.
كما يوفر عدة مزايا، أبرزها زيادة الكفاءة وفاعلية الخدمات، إذ يعمل على تحسين عمليات المراقبة الجوية من خلال التحليلات اللحظية والكاميرات الرقمية، كذلك المساهمة في رفع مستوى السلامة عبر تحسين انسيابية الحركة الجوية باستخدام البيانات الفورية والتقنيات الحديثة، إلى جانب الاستدامة، حيث يدعم البرج جودة البنية التحتية، ويقلل من التكاليف الإنشائية والتشغيلية، بما يُعزز الاستدامة البيئية.
كان المهندس صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجيستية، وعبد العزيز الدعيلج رئيس هيئة الطيران المدني، قد تفقدا مركز عمليات البرج الافتراضي، واطلعا على كيفية عمل الأنظمة المتطورة على إدارة الحركة الجوية لمطار العُلا عن بُعد.
