شوق وكبرياء

كتبت/ رانده حسن
من منا لم يغب عن أحد، أو غاب عنه أحد؟
فهناك غياب لا إرادي تفرضه ظروف الحياة: سفر، عمل، دراسة، غربة، بُعد المسافات…
وهناك غيابٌ آخر، نختاره حين نشعر أن من نتعامل معه لا يُقدّر وجودنا أو قيمتنا… وهنا، يصبح البُعد واجبًا.
وهناك شخص…
يراقبك بصمت، يتابع أخبارك عن بُعد،
يخاف الاقتراب خشية رد فعل لا يعلم إن كان عقلانيًا أم عصبيًا،
لكنه يتصرف بطرق أخرى…
يزور صفحتك الشخصية يوميًا للاطمئنان،
يتأمل صورتك، ويحدثها: “طال غيابك… أشتاق إليك.”
يفرح حين يرى منشورًا جديدًا لك، يشعر أنك بخير، فيطمئن.
يبعث بتحية صباحية ومسائية، في خياله، كأنها موجهة لك وحدك.
يفتقدك، ويحدثك من قلبه: “أشتقت إليك.”
يتابع منشوراتك وتعليقاتك ومن يتفاعل معك،
ويغار، لأنه يشعر بالغربة وسط حضورك، وبالفقد رغم وجودك.
يقوم بتصرفات غريبة، لا يعيها، لكنها كلها محاولات خفية للتواصل.
يعيش على أعصابه، كلما رن هاتفه أو وصله إشعار…
ينتظر أي خبر عنك، يتساءل كيف تسير حياتك في غيابه،
وكيف يمكن للوصال أن يعود.
هذا الشخص…
تحترق مشاعره شوقًا وحنينًا،
ولكنه حيٌّ يقتله البعد،
والكبرياء… طاغٍ.