د. إيمان بشير ابوكبدة
ودعت الساحة الفنية الليبية والعالمية أحد أبرز روادها، الفنان التشكيلي الليبي صلاح الشقروني، الذي وافته المنية في مدينة أمِيليا بإيطاليا. يُعد رحيل الشقروني خسارة لا تُعوّض لمشهد الفن المعاصر، فقد كان فنانًا استثنائيًا كرس حياته لمد جسور التواصل الثقافي من خلال ريشته ولوحاته.
وُلد صلاح الشقروني في طرابلس، ليبيا، عام 1956، ونشأ ليصبح رسّامًا وفنانًا تشكيليًا ذا مكانة بارزة، لم تقتصر شهرته على الساحة الليبية فحسب، بل امتدت لتشمل المحافل الدولية. كان الشقروني جزءًا أصيلًا وفعّالًا من حركة الفن المعاصر الليبي، حيث عكست أعماله بعمق الهوية والثقافة الليبية الأصيلة، مقدمًا إياها بأسلوب متفرد وجريء.
لقد كانت بصمته الفنية واضحة في كل محفل شارك فيه. ولعل أبرز هذه المشاركات المعرض الهام “Il deserto non è silente” (الصحراء ليست صامتة) الذي أقيم في ميلانو بين عامي 2003 و 2004. كما أن معارضه الفنية التي أقيمت في عواصم فنية كبرى مثل روما وميلانو لم تكن مجرد عروض للجماليات، بل كانت نافذة حقيقية أضاءت على الهوية والثقافة الليبية بكل أبعادها وعمقها التاريخي والاجتماعي.
لم يقتصر تأثير الشقروني على اللوحات فحسب، بل ارتبط اسمه أيضًا بإنتاج ثقافي هام، حيث خُلد في كتاب مصور بعنوان “I rinascimento”، مما يدل على الاعتراف الدولي بقيمة تجربته الفنية. كما حظي ذكره بالظهور في فهارس الفن الأفريقي العالمية التي تصدرها مكتبات مؤسسة سميثسونيان (Smithsonian Libraries)، وهو اعتراف يؤكد مكانته كفنان تجاوزت أعماله الحدود الجغرافية.
كان صلاح الشقروني فنانًا آمن بقوة الفن كأداة للحوار والتفاهم، وقد ترك خلفه إرثًا بصريًا ثريًا شكّل بصمته الخاصة في المشهد التشكيلي. لقد كان، بحق، جسرًا بين الفن الليبي والعالم، ساهم في تقديم صورة متطورة ومختلفة عن فنون شمال أفريقيا.


