القمار في ثوب العصر: حكم إرسال الرسائل للدخول في السحب على الجوائز

د/حمدان محمد
في ظل التطور التكنولوجي وانتشار المسابقات عبر وسائل الاتصال الحديثة، برزت ظاهرة المسابقات التي تعتمد على إرسال الرسائل النصية (SMS) مقابل مبلغ مالي، مع وعود بالفوز بجوائز قيّمة، مما يثير تساؤلات شرعية حول مدى جوازها في الإسلام.
فما حقيقة هذه المسابقات وما حكمها شرعًا؟
فهذه المسابقات تشترط على المشترك دفع مبلغ مالي مقابل فرصة الدخول في السحب على جائزة معينة، وهو ما يجعلها من صور القمار المحرم. إذ أن القمار شرعًا هو كل معاملة يكون فيها دفع مال مقابل احتمال الربح أو الخسارة، دون أن يكون هناك مقابل حقيقي للمشترك، بل مجرد أمل في الحصول على الجائزة.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: 90). والميسر في الآية يشمل كل صورة من صور المقامرة، سواء كانت بالمال أو بأي وسيلة أخرى تؤدي إلى المخاطرة بمال المشترك دون مقابل مضمون.
ولكن ما الفرق بين المسابقة المشروعة والمحرمة?
فالمسابقة المشروعة: هي التي لا تتطلب دفع أي مبلغ مالي للدخول فيها، أو يكون هناك مقابل معتبر لما يُدفع، مثل شراء سلعة تُباع في الأسواق بشكل طبيعي، ثم يكون هناك سحب عشوائي للمشترين دون زيادة في سعرها بسبب المسابقة.
وأما المسابقة المحرمة: هي التي يُشترط فيها دفع مال للدخول، كما هو الحال في مسابقات الرسائل النصية، حيث يدفع الشخص تكلفة مرتفعة للرسالة دون ضمان أي مقابل، وإنما لمجرد احتمال الفوز.
ولكن هناك خطر للترويج لهذه المسابقات!!!
فبعض الجهات تروّج لهذه المسابقات بدعوى أنها نوع من الترفيه أو أنها فرصة لتحقيق الربح السريع، لكنها في الحقيقة تفتح باب القمار، وتُغري الناس بدفع أموالهم في أمر غير مضمون، مما يؤدي إلى استغلال حاجات الناس، وإيقاعهم في خسائر مادية ومعنوية.
فينبغي للمسلمين الحذر من الوقوع في هذه الصور الحديثة للقمار، والبحث عن طرق مشروعة للكسب الحلال، فالمال الذي يدخل فيه شبهة القمار يكون كسبًا محرمًا، وقد جاء في الحديث: “كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به” (رواه الطبراني).
وعلى الجهات المسؤولة التصدي لهذه الظواهر، وتنبيه الناس إلى مخاطرها، حفاظًا على المال العام، وحمايةً للمجتمع من الانجرار وراء أوهام الربح السريع الذي لا يحقق سوى خسائر دنيوية وأخروية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.