كتبت ـ مها سمير
في مشهد مهيب تختلط فيه الدموع بالابتسامات، استقبلت مدن شمال قطاع غزة صباح اليوم آلاف الفلسطينيين العائدين إلى بيوتهم وقراهم بعد إعلان وقف إطلاق النار.
حمل بعض العائدين أطفالهم في أحضانهم، فيما كان آخرون يجرّون حقائبهم البسيطة، يسيرون في شوارع مدمرة تخلو من الحياة إلا من خرير الأمل. كثيرون قالوا إنهم للمرة الأولى منذ شهور يسمعون أغاني العصافير أو يشعرون بصباح يخلو من قنابل المدفعية.
على الرغم من الخراب الواسع الذي لحق بالمنازل والمؤسسات المدنية، فقد بدا الأمل وكأنه النغمة التي توحّدت بها القلوب. التقت الصحف مشاهد عائلية تتبادل العناق، وتضرّع الأطفال إلى السماء، وتردّد الأمهات دعوات الشكر لله بعد أيام من النزوح الطويل.
اتفاق وقف إطلاق النار ودور القوات الإسرائيلية
دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ عند الساعة الثانية عشرة ظهر الجمعة بالتوقيت المحلي، في خطوة ترافقت مع انطلاق حركة العودة من الجنوب إلى الشمال عبر محور “شارع الرشيد” وأجزاء من الشريان الساحلي.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات أعادت تموضعها وفق الاتفاق، وبدأت الانسحاب التدريجي إلى الخطوط المتفق عليها، في إطار المرحلة الأولى من خطة وساطة أميركية برعاية إدارة ترامب، تم التوقيع عليها في شرم الشيخ بين إسرائيل وحركة حماس.
وأكد أن الجيش الإسرائيلي سيظل مسيطراً على نحو 50 إلى 53٪ من مساحة القطاع، مع المحافظة على القدرة على مراقبة المناطق الأخرى جوًّا وبرًّا لتفادي أي تهديد فوري، في حين ستتولى أطراف دولية – بينها الأمم المتحدة – مهمة تنسيق المساعدات والإغاثة.
ورغم الفرح الذي سيطر على النفوس، لا تزال ملامح القلق ظاهرة بين السكان العائدين: هل سيستمر الهدوء؟ وهل سيُحترم الاتفاق؟ وهل ستبدأ إجراءات إعادة الإعمار في وقت قريب؟
من ناحيتها، تُحضّر الأمم المتحدة لتصعيد جهودها الإنسانية في قطاع غزة، جاهزة لإرسال مئات الشاحنات يوميًا محمّلة بالغذاء والدواء والمساعدات، فور حصولها على تصاريح الدخول.
ويبدو أن الضغوط الدولية والدبلوماسية قد لعبت دورًا في دفع الأطراف نحو التصديق على الاتفاق، لكن الوقوف على الأرض سيكشف ما إذا كان هذا التوقف في القتال سينجو من العودة إلى مربع التصعيد.
