دارين محمود
يثير الكثير من الجدل والاهتمام. وتُظهر الأبحاث والتقارير الطبية مجموعة من النتائج المتباينة والمعقدة، والتي تتطلب حذرًا ومتابعة طبية دقيقة..
إبر التخسيس والاكتئاب: علاقة معقدة تتطلب يقظة طبية
شهدت السنوات الأخيرة انتشاراً واسعاً لـ “إبر التخسيس” كحل فعال للمساعدة في إنقاص الوزن، خصوصاً للأشخاص الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن المرتبطة بأمراض أخرى. هذه الإبر، التي تعمل في الأساس على محاكاة هرمون طبيعي في الجسم لتقليل الشهية وزيادة الشبع، أثبتت فعاليتها في تحقيق خسارة كبيرة في الوزن.
لكن مع تزايد استخدامها، ظهرت تساؤلات حول تأثير هذه الأدوية على الصحة النفسية، وتحديداً علاقتها بالاكتئاب والقلق.
الأثر السلبي المحتمل: تقارير وحاجة للمتابعة
تشير بعض التقارير الفردية وبعض الدراسات إلى وجود ارتباط محتمل بين استخدام إبر التخسيس وظهور أو تفاقم بعض المشكلات النفسية، بما في ذلك:
* ظهور أعراض الاكتئاب والقلق: أثيرت مخاوف من أن بعض المستخدمين قد يلاحظون زيادة في أعراض القلق، أو الضيق، أو حتى ظهور أفكار سلبية أو انتحارية. دفع هذا الأمر الهيئات التنظيمية للأدوية (مثل وكالة الأدوية الأوروبية – EMA) إلى مراجعة بيانات السلامة لهذه الأدوية.
* التغيرات المزاجية: قد يلاحظ بعض الأشخاص “تسطحًا عاطفياً” أو ما يُوصف أحيانًا بـ “شخصية الأوزمبيك” (Ozempic Personality)، وهي حالة يشعر فيها المستخدمون بقلة الاهتمام بالأنشطة الممتعة سابقاً (Anhedonia) أو تغير في المزاج العام. قد لا يكون السبب الدواء نفسه بشكل مباشر، بل التغييرات الكبيرة في نمط الحياة، والتوقف عن “مكافأة الذات” بالطعام المعتاد.
* الحالات النفسية السابقة: يزداد القلق في حال الأشخاص الذين لديهم تاريخ سابق مع الاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب. حيث يُنصح هؤلاء المرضى بضرورة استشارة طبيب نفسي ومتابعة حالتهم عن كثب قبل وأثناء استخدام هذه الحقن.
الأثر الإيجابي المحتمل: تحسن الصحة النفسية
من جهة أخرى، تُظهر العديد من الدراسات السريرية الكبيرة ونتائج الممارسة العملية أن تأثير هذه الإبر قد يكون إيجابياً على الصحة النفسية:
* تحسن الحالة المزاجية: فقدان الوزن بحد ذاته يمكن أن يؤدي إلى تحسن كبير في احترام الذات، وزيادة الثقة بالنفس، وتحسن في نوعية الحياة بشكل عام، ما ينعكس إيجاباً على الحالة المزاجية ويقلل من أعراض الاكتئاب والقلق المرتبطة بالسمنة.
* لا يوجد دليل قاطع على زيادة الخطر: نتائج تحليلات كبيرة للبيانات السريرية التي أجرتها منظمات مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لم تجد دليلاً قاطعًا على أن هذه الأدوية تزيد بشكل مباشر من خطر الأفكار الانتحارية أو السلوك الانتحاري مقارنة بالعلاج الوهمي (Placebo).
* دراسات تشير للوقاية: بعض الأبحاث تشير إلى أن استخدام هذه الأدوية قد يكون مرتبطاً بانخفاض في تشخيص القلق والاكتئاب لدى بعض مرضى السمنة، ربما بفضل تحسن صحتهم الأيضية.
توصية طبية حاسمة
نظراً لهذه التباينات، فإن الإجماع الطبي يشدد على ضرورة:
* المتابعة الطبية والنفسية: يجب على أي شخص يستخدم إبر التخسيس أن يكون تحت الإشراف المباشر لطبيب مؤهل، وأن يتم مراقبة حالته النفسية بانتظام.
* الإبلاغ الفوري: يجب إبلاغ الطبيب المعالج فوراً بأي تغييرات غير مألوفة في المزاج، مثل تفاقم الاكتئاب، أو ظهور أفكار سلبية، لتقييم الحاجة إلى تعديل الجرعة أو إيقاف الدواء.
* تقييم ما قبل العلاج: يجب تقييم التاريخ النفسي للمريض بدقة قبل البدء في العلاج بهذه الإبر.
خلاصة: إن العلاقة بين إبر التخسيس والاكتئاب معقدة وغير مباشرة في جميع الحالات. ورغم أن القلق والاكتئاب تم إدراجهما كآثار جانبية محتملة ونادرة تتطلب يقظة، إلا أن الفوائد الصحية والجسدية والنفسية لفقدان الوزن قد تفوق المخاطر، بشرط استخدامها تحت إشراف طبي صارم.
