كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
لطالما ارتبطت الفاكهة في الأذهان بالصحة والعافية، غير أن كثيرًا من مرضى السكري يشعرون بالقلق عند تناولها خوفًا من ارتفاع سكر الدم. هذه الفكرة، رغم انتشارها، خرافة غذائية لا تستند إلى حقائق علمية دقيقة.
فالواقع أن الفاكهة يمكن أن تكون جزءًا مهمًا وآمنًا من النظام الغذائي لمرضى السكري، إذا تم تناولها بطريقة مدروسة وذكية.
أولاً: لماذا لا يجب التخلي عن الفاكهة؟
الفاكهة ليست مجرد مصدر للسكر، بل هي خزان طبيعي للفيتامينات والمعادن والألياف ومضادات الأكسدة.
هذه المكونات تعمل معًا لدعم جهاز المناعة، وتحسين الهضم، والمساهمة في الحفاظ على وزن صحي.
الأهم من ذلك أن الألياف الموجودة في الفاكهة تبطئ امتصاص السكر في الدم، مما يمنع الارتفاع المفاجئ في الجلوكوز ويعزز الإحساس بالشبع.
ثانياً: الاعتدال هو القاعدة الذهبية
حتى وإن كانت الفاكهة مفيدة، فإن الكمية تحدد الأثر. فكل نوع من الفاكهة يحتوى على نسبة مختلفة من الكربوهيدرات (وخاصة الفركتوز).
التوصية العامة لمرضى السكري هي:
حصتان يوميًا من الفاكهة كحد متوسط.
الحصة الواحدة تعادل تقريبًا: تفاحة متوسطة، أو كوبًا من التوت، أو نصف حبة موز.
كل حصة تحتوى على نحو 15 غرامًا من الكربوهيدرات.
هذه الأرقام ليست صارمة، بل قابلة للتعديل وفقًا لحالة المريض ونشاطه البدني وأدويته.
ثالثاً: الفواكه الصديقة للسكري
اختيار نوع الفاكهة يلعب دورًا رئيسيًا في استقرار سكر الدم. يُفضّل التركيز على الفواكه ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض، لأنها ترفع السكر ببطء وتوفر طاقة مستدامة.
الأفضل تناولًا
التفاح والكمثرى: غنيان بالألياف وقليلان في السكر.
التوت بأنواعه (الفراولة، العليق، التوت الأزرق): مضاد قوي للأكسدة، مثالي للسكري.
الحمضيات (البرتقال، الجريب فروت): تحتوي على فيتامين سي ومؤشر جلايسيمي منخفض.
الكرز والخوخ والمشمش والكيوي: خيارات متوازنة بطعم لذيذ وسكر معتدل.
رابعاً: فواكه تحتاج إلى الحذر
بعض الفواكه تحتوى على نسب أعلى من السكر أو مؤشر جلايسيمي مرتفع، ما يجعلها تُستهلك بحذر وبكميات صغيرة:
الموز الناضج جدًا
المانجو
العنب
البطيخ
الأناناس
تناول هذه الأنواع باعتدال لا يضر، لكن الأفضل دمجها مع وجبة تحتوى على البروتين أو الدهون الصحية لتقليل سرعة امتصاص السكر.
خامساً: ما يجب تجنبه تمامًا
عصائر الفاكهة حتى لو كانت طبيعية وغير محلاة؛ لأنها تفتقر إلى الألياف وتسبب ارتفاعًا سريعًا في سكر الدم.
الفواكه المجففة مثل التمر، الزبيب، التين المجفف؛ إذ تحتو على تركيز عالٍ من السكر في حجم صغير.
المنتجات المعالجة بنكهات الفاكهة مثل المربى أو اللبن المنكّه، لاحتوائها على سكريات مضافة.
سادساً: أفضل أوقات تناول الفاكهة لمرضى السكري
اختيار الوقت المناسب لتناول الفاكهة يساعد كثيرًا في ضبط سكر الدم والاستفادة من قيمتها الغذائية.
فيما يلي أبرز الأوقات الموصى بها:
بعد الوجبات الرئيسية: تناول الفاكهة بعد الأكل مباشرة يقلل من سرعة امتصاص السكر، لأن وجود البروتين والدهون والألياف في الوجبة يُبطئ الهضم.
قبل النشاط البدني: الفاكهة مصدر ممتاز للطاقة السريعة، خاصة عند ممارسة المشي أو التمارين الخفيفة.
تجنّب تناولها على معدة فارغة: لأن امتصاص السكر يكون أسرع في هذه الحالة، ما قد يسبب ارتفاعًا مفاجئًا في الجلوكوز.
يفضل توزيع الحصص على اليوم بدلًا من تناول كمية كبيرة دفعة واحدة.
سابعاً: أمثلة عملية على حصص فاكهة آمنة
لتسهيل تطبيق النصائح، إليك قائمة بحصص فاكهة متوازنة تحتوى على نحو 15 غرامًا من الكربوهيدرات، وهي تعادل حصة واحدة تقريبًا:
التفاح: تفاحة صغيرة (100–120 غ)- حصة واحدة
الكمثرى: نصف كمثرى كبيرة أو 1 صغيرة – حصة واحدة
البرتقال: برتقالة صغيرة (100 غ) – حصة واحدة
الجريب فروت: نصف حبة متوسطة – حصة واحدة
الكيوي: حبة متوسطة – حصة واحدة
التوت (الفراولة/العليق/التوت الأزرق): كوب واحد (125 غ) – حصة واحدة
الخوخ أو المشمش: حبة متوسطة أو 2 صغيرة – حصة واحدة
الشمام أو البطيخ: كوب مقطّع (150 غ) – حصة واحدة
الموز: نصف موزة متوسطة – حصة واحدة
العنب: 10–12 حبة صغيرة – حصة واحدة
نصيحة: تناول الفاكهة كما هي كاملة وليس عصيرًا، وراقب استجابة جسمك لمستوى السكر بعد 1–2 ساعة لمعرفة الأنواع الأنسب لك.
ثامناً: التخصيص هو السر
لا توجد قاعدة واحدة تناسب جميع مرضى السكري. لذلك، من المهم متابعة مستويات السكر بعد تناول أنواع مختلفة من الفاكهة لمعرفة الاستجابة الشخصية.
ويُفضل دائمًا العمل مع اختصاصي تغذية لتحديد الكميات والأنواع المناسبة، ضمن خطة غذائية متوازنة تشمل النشويات، البروتين، والدهون الصحية.
