ديني

امرأة في محنة… وكرم رجل ميسور

د/حمدان محمد
في لحظات الضيق، تلجأ النفوس إلى أبواب الرحمة، وهذا ما فعلته امرأة ضاقت بها الأحوال، وضاق بها رزق زوجها حتى أصبح على حافة الطلاق. لم تجد ملجأً سوى رجل ميسور الحال، فطرقت بابه علّها تجد عنده ما يعينها على محنتها.
فخرج إليها أحد خدم المنزل وسألها: “ماذا تريدين؟”
فأجابت بثبات: “أريد أن أقابل سيدك.”
سألها مستغربًا: “مَن أنتِ؟”
فقالت: “أخبره أنني أخته.”
وتعجب الخادم، إذ يعلم أن سيده ليس لديه أخت، لكنه دخل وأخبره بما سمع. فكان رد الرجل الكريم: “أدخلها.”
ولكن استقبلها بوجهٍ بشوش، وسألها بلطف: “من أيّ إخوتي أنتِ، يرحمك الله؟”
فأجابته بثقة: “أختك من آدم.”
فأدرك الرجل نبل مقصدها، وقال في نفسه: “إمرأة محتاجة، والله سأكون أول من يصلها.”
ونظرت إليه بعين الأمل، ثم قالت كلماتها المؤثرة:
“يا أخي، ربما يخفى على مثلك أن الفقر مُرّ المذاق، ومن أجله وقفت مع زوجي على باب الطلاق، فهل عندكم شيئًا ليوم التلاق؟ فما عندكم ينفد وما عند الله باق.”
فأُعجب الرجل ببلاغتها وتأثر بكلماتها، فقال: “أعيدي ما قلتِ.”
فأعادتها بصوت ثابت، فسألها مرة أخرى: “أعيدي.”
أعادت كلماتها للمرة الثالثة، فأصرّ: “أعيدي.”
وعندها، نظرت إليه بثبات وقالت:
“لا أظنك قد فهمتني، وإن الإعادة مذلة لي، وما اعتدت أن أذل نفسي لغير الله.”
وكلماتها كانت كافية ليشعر الرجل بعظمة موقفها وكبريائها رغم حاجتها. فمدّ يده بالعطاء، لا تفضلًا، بل إكرامًا لأخته من آدم، وسندًا لمن أبى أن يذلّ نفسه لغير الله
فالعبرة من القصة
الفقر ليس عيبًا، لكن الذلّ للناس اختيار. الكرامة أثمن من المال، ومن يجود بماله ليس كريمًا حتى يضيف إليه حسن المعاملة ولطف القول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى