الثقافة

ذكرى الأديب والقاص السويسى الكبير:-محمد الراوى

محمد القماش 

الأديب:-ياسر محمود

عن ذكرى الأديب والقاص السويسى الكبير:-محمد الراوى

تمر هذه الأيام _وفي خلال فترة شهر مابين رحيله٢٣فبراير ٢٠١٧وميلاده ٢٢مارس ١٩٤١_ذكرى الأديب الكبير السويسي المنشأ والإقامة محمد الراوي.

والراوي من أنضج الأدباء الذين قابلتهم، وروايته البديعة (الزهرة الصخرية)تعتبر من درر الأدب المصري والعربي..كتبت عنه هذه الدراسة فنشرها مشكورا في مجلة المرجان ،ثم بعد وفاته نشرت ضمن ملف أعده موقع صدى ذاكرة القصة، الذي يشرف عليه الأديبين سيد الوكيل ومرفت يس.

أحب في ذكرى أستاذي محمد الراوي أن نتذكره معا بكل خير عبر رائعته تل القلزم.

المكان / البطل في ” تل القلزم “

ل محمد الراوي

مقدمة 

” الرجل والحياة ” هو أنسب اسم للحديث عن كاتب مثل ” الراوي ” ، وإذا كان الاسم مقارباً مع بعض التغيير لاسم روايته ” الرجل والموت ” و ” الراوي ” يقف التأكيد شاهداً علي ( الزمان / المكان ) / الحياة التي تدور حوله . يجسدها لنا بمنظوره الفلسفي ( التأملي ) ( الصوفي ) في كتاباته ” عبر الليل نحو النهار ” ، ” الرجل والموت ” .. ” الجد الأكبر منصور ” .. ” الزهرة الصخرية ” ، ” الركض تحت الشمس ” .. ” أشياء للحزن ” .

ورائعته تل القلزم موضوع بحثنا هذا يبين أن الراوي له طريقته الخاصة في البحث عن جوهر الأشياء من خلال المكان . وإذا كان أدب الحرب قد مثل رافداً مهماً في شريان إبداعات الكاتب ، فإنه كتب له نوعاً خاصاً من المعرفة .. وخبرة حياتية متفردة بالمكان وتاريخه ورائحته مقابلة ربما لكل محاولات السيطرة والجور علي المكان .

نبذة عن المكان في الرواية العربية

من خلال رحلة الرواية العربية برزت لنا طبيعة معينة لنماذج المكان في الأعمال الخاصة بالأدباء البارزين .

هناك حارة ” نجيب محفوظ ” الممتدة التي تنمو والبيوت علي جانبها ، وبداخلها أجيال متعاقبة جيل فجيل ، يمر بها فتوات بأجسام هائلة ونبابيت منتصبة ، نسائها مكتنزات ، أحياناً أصحاب الأمر والنهي ، دائماً ما يشتقن إلي صعلوك بداخله دفقة الحياة والفتونة في المستقبل .

وهناك المكان عند ” يوسف إدريس ” مكان خاص لإناس بسطاء .. ريفي قهرته المدينة أو متمدن سقطت فيه الأخلاق .. إلا أن الناس هم الابطال . المكان هنا ليس كما الحال عند ” نجيب محفوظ ” تغرق فيه الناس مفسحة المجال لجيل جديد تخرج منه مطرودة أو راحلة ، المكان لا يتجاوزه ” اناسه ” لا يعبره التاريخ – كما الحال عند محفوظ – يظل شامخاً موجوداً من أول الرواية إلي أخرها .. لكن مفصحاً المجال كبيراً وهائلاً للأبطال يقفون في موازاته علامات هادئة عليه .

ومن جيل الكاتب هناك ” يوسف القعيد ” المكان عنده مهم ، لكن يظل بوابة عبور للحدث .. الذي يطغي ويتشعب وتتشعب معه بالتالي الرؤي ، رؤي الأبطال للحدث الواحد في نفس المكان .

المكان / البطل

بطل الرواية المسمي ( الشخصية الرئيسية ) يدعي ” زكريا ” – يتضمن معني الذكر – لكننا قد ننسي ” زكريا ” وبقية الشخصيات – قد ننسي ” أجي ” ” الشاويش مصطفي ” .. الخ

لكننا لن ننسي ( أرسينوي – كليزما – الطابية ) .. لن ننسي ” تل القلزم “

من العنوان والتصدير تبدو إرهاصات المكان العجيب المتفرد بذاته ، إن ” زكريا ” لا يروي ، المكان هو الذي يتخلله وينطق بلسانه فإذا كان زكريا حارته تختلف عن كل الحواري لأنها ( شهدت جزءاً من الزمن القديم عندما جاء أجدادنا وحطوا في هذا المكان ، اتخذوا لأنفسهم بيوتاً صغيرة متلاصقة ومتلاحمة ) الراوية صـ 15

المكان يتسلل عبر روح زكريا ” ليروي من خلاله قصته ” أرسينوي ” و ” رمسيس الثاني ” .

لقد جاءت ” أرسينوي ” إلي هذا المكان بصحبة زوجها الذي سماها علي اسمها بدلاً من ” هجرود ” الاسم القديم .

قال : إنها رغبتي ، وهذا المكان هدية مني إليك ، إنه لك بجبله وسهله وبحره ورماله ، فلتكن هنا مدينة اسمها ” أرسينوي ” ولتعرف القوافل التي تعبر ” كليزما ” إلي سيناء أنهم يمرون بمدينة أرسينوي .

صـ 38

إن المكان / البطل هنا هو الذي انتصر علي ( الانجليز / الاسرائيليين ) ، هو المكان الذي يتجاوز حتى الزمان ليكتب التاريخ ، المكان / البطل هو الذي تنمو من خلاله شخصية ” زكريا ” الذي يعشق ” أجي ” أخت الشاويش ” مصطفي ” الذي يلقي مصرعه وهو يحاول بمساعدة خال ” زكريا ” والأهالي المتوارين خلف الحدث منع الإنجليز من عبور الكوبري إلي المكان .

المكان بالنسبة للعائش فيه هو كل شيء . هو كل الدنيا ، نرتبط به ويرتبط بنا هذا ما يخبرنا به ” الراوي ” الكاتب والراوي ” زكريا ” هذا المكان قد يزول منه الناس يذهبون يرتحلون يموتون ربما في حروب يهجرون بسببها لكن الحياة تستمر ” سيجيء الناس مرة أخرى ويملؤن الفراغات والمكان ، ستعاود سيرتها الأولي ، ستختلف الوجوه والسحن ، لكن الحياة ستكون موجودة ” . تل القلزم صـ 108

المكان الحميم

والمكان هنا يفسح المجال للجميع أحياناً ويتشكل في كل صورة ليأخذ صوراً فردية حميمة أخرى ، ففي صورته الأولي قد يكون هو البلدة التي عاش فيه ” زكريا ورأي من خلالها ” الطابية ” وانتظر ” الديك المسحور ” ليحصل كما غيره من سكان المكان علي كنوز ” الملك سوس ” المدفونة هناك في ” الطابية “

المكان الجسد

أو قد يكون المكان الذي هو مثل ” أجي ” لم يمسها سوى ” زكريا ” في أول الرواية وآخرها مكان حميم ربما تحيط به حديقة يرويها ” زكريا ” البطل المتواري خلف المكان مكانه الحميم جسد ” أجي ” وقبله جسده هو .. من خلال جسد ” أجي ” رأي الدنيا في طفولته وغاص في غابة الشعر الذهبية التي غمرته .

ومن خلال جسده كان يدلف إلي عالمه الخاص .. جسده يعبر به إلي روحه من خلاله يعيش في عالم من الأحلام ” واعيش فيه حتى الصباح . في نومي تستدعي ذاكرتي من أشاء فيستوي امامي بلحمه ودمه ، كان معظم من يدخلون عالمي من النساء الجميلات جداً مثل ممثلات السينما وأجي ، والفتيات اللائي كنت أراهن في الحارة والشارع الكبير “

تل القلزم صـ 96

ومن خلال هذا االعالم الكبير الحميم تحققت أسطورة البطل في كونه يطير ويطير 

المكان / الوطن ( أجي )

كما قلنا كانت أجي بمثابة الوطن الحميم ” للبطل المتواري ” ، هي أجي الوطن الذي دفع برجا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى