د. إيمان بشير ابوكبدة
لم تعد فكرة “التوأم الرقمي” حكرًا على عالم الخيال العلمي، بل أصبحت اليوم واحدة من أبرز إنجازات التكنولوجيا الحديثة التي تعد بتغيير مستقبل الطب والصحة العقلية. فقد نجح فريق من الباحثين من جامعات ديوك وكولومبيا ونبريخا بالتعاون مع شركة كوجني فيت في تطوير ما يُعرف بـ”التوأم المعرفي الرقمي” — نسخة افتراضية من الإنسان يمكنها التنبؤ بحالته الصحية وسلوكه العقلي قبل ظهور الأعراض.
تعتمد هذه التقنية على الذكاء الاصطناعي لتحليل كمٍّ هائل من البيانات الحيوية التي تُجمع من الأجهزة اليومية مثل الساعات الذكية وأجهزة تتبع النشاط ومستشعرات النوم. وتتيح هذه البيانات قياس مؤشرات مثل معدل ضربات القلب وجودة النوم ومستويات التوتر والنشاط، لتغذية “التوأم الرقمي” الذي يتعلم باستمرار ويُصدر توصيات شخصية للحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية.
ويعمل الذكاء الاصطناعي هنا كـ”قائد أوركسترا” يدير هذا الكم من المعلومات بتناغم، ليقدّم نظامًا قادرًا على التنبؤ بالاحتياجات الصحية المستقبلية بدلًا من الاكتفاء بالاستجابة عند وقوع المشكلات.
ويؤكد العلماء أن هذه التوائم الرقمية ستكون خلال سنوات قليلة أداة أساسية في الطب الحديث، إذ ستتيح للأفراد متابعة حالتهم العقلية والبدنية في الزمن الحقيقي، والتدخل المبكر قبل تفاقم أي خلل صحي.
بهذا الابتكار، يبدو أن المستقبل القريب سيحمل لكل إنسان “نسخة رقمية” ترافقه يوميًا، تراقب صحته، وتوجهه، وربما تنقذ حياته قبل أن يشعر بالخطر.
