بقلم السيد عيد
بين براءة مزعومة وعدالة غائبة… يختبئ قاتلٌ صغير يضحك في وجه القانون.
يقول لك: “ده طفل يا جماعة… مايعرفش الصح من الغلط!”
آه طبعًا… طفل بريء، عنده ملايكة بتلف حواليه، بس صدفة كده خطط، وذبح، وقطّع، وأكل من لحم زميله!
طفل إيه يا سيدي ده؟ ده لو الشيطان نفسه شافه يقول له: “علّمني يا ابني”!
اللي حصل مش جريمة عادية، دي كارثة أخلاقية وقانونية في آن واحد.
الولد مش اندفع، ده فكر… خطط… نفّذ… وابتكر!
وإحنا بقى بكل رقة القانون المصري هنقوله: “يا حبيبي، روح دار رعاية تتعلم الأخلاق… ولما تكبر تعالى نربيك تاني”!
هو إحنا بنهزر؟!
قانون الطفل ده طلع أحنّ من أمّهات الرحمة، يضم القاتل في حضنه ويقوله “حصل خير”!
طب والضحية؟ مين ياخد حقه؟
ولا خلاص… نعمل له صفحة على الفيسبوك ونكتب تحته “العدل من عند ربنا”!
اللي مش فاهم إن زمن الطفولة القديمة انتهى، يعيش في وهم.
زمان الطفل كان بيلعب بالبلي والطائرة الورق… دلوقتي الطفل بيلعب بـ”ببجي” و”كول أوف ديوتي” وبيتعلم فيها يقتل، يضرب، ينسف، ويعمل “ريسباون” بعد كل جريمة!
يعني القانون لسه شايفه طفل، بس الواقع شايفه مجرم محترف صغير الحجم.
مشكلتنا إن القانون بيتعامل مع التاريخ مش مع الحقيقة.
بيفتكر الطفل زي بتاع زمان… اللي بيزوغ من الدرس عشان يشتري لبان، مش اللي بيزوغ عشان يجيب سكينة.
يا سادة… مفيش حاجة اسمها “طفل قاتل” بريء.
فيه مجتمع نايم، وتربية فاشلة، وقانون متأخر، و”أطفال” بيجرّبوا فينا كل ما هو أبشع.
القانون محتاج يتغيّر… مش عشان ننتقم، لأ، عشان نحمي نفسنا من اللي جاي.
لأن الطفل اللي أكل من لحم صاحبه النهارده… بكرة هيبلعنا كلنا.
القانون لازم يصحى، يفوق، يفتح عينه على جيل جديد.
جيل مش محتاج “رعاية” بقدر ما محتاج “ردع”.
احنا مش ضد الرحمة، لكن الرحمة في غير محلها اسمها تهاون.
ومينفعش التهاون يبقى مادة في قانون بيحمي المجتمع.
نحن لا نطلب إعدام الأطفال، لكن نطلب عدالة تعرف تفرّق بين الغلط والسفاح.
نطلب قانونًا حديثًا، يتعامل مع الجريمة بعين الواقع مش بعين الحنين.
قانون يقول إن اللي خطط وقتل مش طفل… ده مجرم بعقل راشد، وإن صغر سنه، فعقله سبق عمره بسنين.
القضية مش في الولد اللي أكل من لحم زميله…
القضية في مجتمع بيأكل نفسه كل يوم بصمت، وقانون واقف يتفرج عليه بحنان!
فمتى نكتب سطرًا جديدًا في قانوننا…
يقول للقاتل الصغير: “كفاية دلع، كبرت كفاية… اتحاسب!”
