كتبت /نجده محمد رضا
في سجلّ الصحابة الكرام، تبرز أسماء عظيمة سطّرت صفحات مضيئة في تاريخ الأمة، ومنهم أبو جحيفة السوائي رضي الله عنه، أحد رواة الحديث الموثوقين، وصاحب السيرة النقية التي تشهد على صدق الإيمان وعلوّ الهمة.
من هو أبو جحيفة؟
اسمه وهب بن عبد الله السوائي من بني سواءة بن عامر بن صعصعة، من أوائل من أسلموا وسمعوا من النبي ﷺ، فنهل من نبع النبوّة مباشرةً، وتشرّف بسماع الأحاديث الشريفة التي نقلها بأمانة ودقة للأجيال اللاحقة.
مكانته وروايته للحديث
كان من الرواة الثقات الذين وثّقهم علماء الحديث الكبار، وروى عنه عدد من التابعين، وتُذكر أحاديثه في الصحاح والسنن. ومن أشهر رواياته حديثه عن صلاة النبي ﷺ في السفر، وهو من النصوص التي استدلّ بها العلماء في كتب الفقه والأحكام الشرعية.
زهده وورعه
عُرف رضي الله عنه بزهدٍ عظيم وابتعادٍ عن زخارف الدنيا، وكان يكثر من العبادة، متأثرًا بسيرة النبي ﷺ في البساطة والتقوى. عاش خاشعًا لله، راضيًا بالقليل، حامدًا في السراء والضراء، وكان يقول عن العلم النبوي الذي حمله
“ما ترك النبي ﷺ شيئًا إلا وقد علمناه”.
مكانته بين العلماء
قال عنه الذهبي
“من أصحاب النبي ﷺ الموثوقين، وكان صاحب علمٍ وورعٍ وعدل”.
وعدّه ابن حجر العسقلاني
في طبقات الصحابة الثقات، لما تميز به من حفظٍ ودقةٍ في نقله للحديث النبوي الشريف
وفاته وإرثه
توفي أبو جحيفة رضي الله عنه في الكوفة بعد حياةٍ حافلةٍ بالعلم والعبادة ونقل السنة، وخلّف وراءه إرثًا خالدًا من الروايات النبوية التي حفظت للأمة جزءًا من سيرة نبيها عليه الصلاة والسلام.
من أقواله المأثورة
“توفي النبي ﷺ وما من طائرٍ يطير بجناحيه إلا عندنا منه علمٌ قد تعلمناه.”
“من أحب أن ينال خير الدنيا والآخرة فليلزم سنة نبيّه، فإنها النجاة.”
كلمات تعبّر عن صدق إيمانه وعمق فهمه لدور السنة في حياة المسلم.
لقد كان أبو جحيفة السوائي مثالًا للراوي الصادق، والعابد الزاهد، والعالم الأمين الذي حفظ لنا شعلة النبوة من أن تنطفئ. بقي اسمه منقوشًا في ذاكرة الأمة، رمزًا للإيمان والعلم والوفاء، ودليلًا على أن المجد الحقيقي هو في خدمة الدين ونشر نور الحق.
