ملفات و تحقيقات

لماذا التلمود باللغة الآرامية؟

د. إيمان بشير ابوكبدة

يعد كتاب التلمود أحد أهم مصادر التشريع اليهودية بعد (العهد القديم) و(المشنا). وهناك تلمودان: أورشليمي وبابلي، وهما نتاج مدارس دينية يهودية عدة في فلسطين وبابل (300 – 500م).

بحسب المعتقدات اليهودية ليس تشريعا وأدبا وحسب، لكنه رابطة بين اليهود، ووثيقة روحية، للحفاظ على الهوية اليهودية. ولذلك يعد التلمود عند اليهود أحد أعظم كتبهم، على الرغم من زلاته أو أخطائه و إفراطه في التفاصيل، وافتقاره إلى الأسلوب والشكل.

الآرامية هي لغة قديمة كانت موجودة منذ أكثر من 3000 عام. وكانت اللغة الرسمية للدول الآرامية المبكرة، وأصبحت فيما بعد اللغة المشتركة، للإمبراطوريتين الآشورية والفارسية.

حتى أن هناك لمسة من الآرامية في الكتاب إيجر سهادوتا, التي نطق بها لابان الآرامي (تكوين 31: 47). في الواقع، يذكر التلمود الأورشليمي أن اللغة الآرامية موجودة في الأقسام الثلاثة للتلمود: التوراة (أسفار موسى الخمسة)، والنفيئيم (الأنبياء) والكتوفيم (الكتابات).

خلال الفترة الآرامية الوسطى (حوالي 200 ق.م. – 200 م)، بدأت الآرامية تنقسم إلى مجموعتين من اللهجات، اللغات الآرامية الشرقية والغربية.

تم استخدام اللغات الآرامية الغربية على نطاق واسع في المنطقة التي كانت تحت الحكم الروماني (والبيزنطي لاحقا). التلمود المقدسي، المؤلف في إسرائيل، مكتوب باللهجة الآرامية الغربية. ازدهرت اللغات الآرامية الشرقية في الإمبراطورية الفارسية، ونتيجة لذلك فإن التلمود البابلي، المكتوب في بابل التي يهيمن عليها الفرس، هو لهجة آرامية شرقية.

خلال عصر المشنايك، تمت كتابة ترجمة الكتاب التلمود المعروفة باسم ترغوم أونكيلوس وترغوم جوناثان باللغة الآرامية الغربية. وفقا للبعض، كانت هذه الترجمات الآرامية للترجوميم في الأصل جزءا من التقليد الشفهي الذي يعود إلى نبي الله موسى (عليه السلام) على جبل سيناء.

عندما عاد اليهود إلى إسرائيل من المنفى البابلي وأعادوا بناء الهيكل الثاني، كانوا يتحدثون الآرامية بشكل عام. وكانت اللغة العبرية عند اليهود”اللغة المقدسة”، مخصصة للأمور المقدسة مثل الصلاة ولم يتم استخدامها في الأنشطة الاجتماعية والتجارية العادية.

من الآرامية إلى العربية

وفي وقت لاحق، خلال الفتوحات الإسلامية، تفوقت اللغة العربية على الآرامية باعتبارها اللغة المشتركة في الشرق الأوسط. ولهذا السبب فإن بعض أهم الأعمال اليهودية، مثل تلك التي كتبها الحاخام سعدية غاون وميمونيدس، كانت مكتوبة باللغة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى