د.نادي شلقامي
في عالمنا اليوم، كثير من الشباب يبحث عن حلول لمشاكله الدراسية، العملية، أو الحياتية، وقد يميل أحيانًا إلى سؤال الناس أو الاعتماد على الوسائل الغير مشروعة للحصول على ما يريد. لكن الله عز وجل يذكّرنا بأن القوة والرزق والنجاة بيده وحده، وأن حسن الظن بالله هو مفتاح التوكل الصحيح والاعتماد على الله دون تردد.
— فالسؤال لغير الله مزلة، بينما حسن الظن بالله يمنح القلب الطمأنينة ويقوي الأمل في كل الظروف.
أولا…. القرآن يحث على حسن الظن بالله
1- الله سبحانه وتعالى يقول:
— “وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” (يوسف: 87)
هذه الآية تعلمنا أن المؤمنين يجب أن يكون لديهم حسن الظن بالله دائمًا، فلا ييأسون مهما كانت الصعوبات، ويستمرون في الدعاء والتوكل.
2- وقال تعالى:
“قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” (التوبة: 51)
هنا الربط بين التوكل وحسن الظن بالله واضح: المؤمن يثق أن ما قدره الله له هو الأفضل، وأن كل خير يأتي منه وحده.
ثانيا….سنة النبي ﷺ: الدعاء والتوكل وحسن الظن بالله
1- قال النبي ﷺ:
“إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعقد اليقين أن الله سيجيبك” (رواه الترمذي)
2- وقال ﷺ أيضًا:
“عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له” (رواه مسلم)
— فهذه الأحاديث تبرز حسن الظن بالله في كل المواقف: الفرح أو الشدة، الصحة أو المرض، الرزق أو الحاجة. المؤمن دائم الثقة بالله، فلا يقنط ولا يلجأ إلى غير الله في طلبه.
– مثال واقعي للشباب:
طالب يريد النجاح في امتحان مهم، إذا لجأ للغش أو طلب المساعدة من طرق غير مشروعة فقط، فهذا خروج عن التوكل وحسن الظن بالله. أما من دعا الله وثق بأن الله يسهل له الأمر مع اجتهاده، فالله يفتح له أبواب النجاح بطرق لم يكن يتوقعها.
ثالثا…. قصص الأنبياء والخلفاء وحسن الظن بالله
–النبي يوسف عليه السلام: حين ألقي في البئر، لم ييأس بل دعا الله، وكان حسن ظنه بالله سببًا في نجاته ورفعه في الأرض.
–الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عند مواجهة المجاعات والأزمات، كان يقول: “اللهم ارزقنا من حيث لا نحتسب”، وكان حسن ظنه بالله يمنحه القوة والثقة في مواجهة الصعاب.
–الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان يحث الشباب على الدعاء لله والثقة في استجابته، موضحًا أن حسن الظن بالله يزيد من قوة الدعاء وطمأنينة القلب.
رابعا…. نصائح عملية للشباب: دمج الدعاء وحسن الظن بالله
1. قبل أي خطوة مهمة، اجعل دعاءك موجهًا لله وحده، وكن واثقًا أن الله سييسر الأمور.
2. اجعل كل طموحك مبنيًا على العمل الصالح مع التوكل وحسن الظن بالله.
3. احذر من السؤال لغير الله في الأمور التي لا يملكها إلا الله، فهذا ضعف للإيمان.
4. تذكر دائمًا أن حسن الظن بالله هو وقود الصبر والأمل، وأن الله لا يخيب من رجاه.
وختاما…فالسؤال لغير الله مزلة، بينما حسن الظن بالله من أعظم الفضائل التي تمنح المؤمن الأمان والرضا النفسي. من توكل على الله، وثق بأن كل خير بيده، وجد السعادة والطمأنينة، ومن اعتمد على غيره في أموره فقد أضاع راحة قلبه وابتعد عن طريق النجاح الحقيقي.
— تذكر دائمًا: اجعل الله وحده من يُسأل، واغرس في قلبك حسن الظن به، فهو القادر على كل شيء، والرازق الحكيم، والمجيب لكل دعاء صادق.
