بقلم/علاء عبد الستار
يتم الربط دائمًا بين العبقرية والجنون، وكأن الشخص العبقري به اختلاف في عقله يجعل فيه درجة من الجنون، ومما دعم هذه الفكرة الكثير من العباقرة غريبي الأطوار، ويمكن القول إن كليهما، أي العبقري والمجنون، يريان أشياء لا يستطيع رؤيتها الآخرون، فحينما يكونون على حق يصبحون عباقرة، وعندما يكونون على باطل يصبحون مجانين.
وفي مقال لـ Nancy C. Andreasen في مجلة The Atlantic، وهي عالمة أعصاب بارزة، كان بحثها عن القدرات الإبداعية والعبقرية ولماذا يصاحب الذكاء العالي درجة من الجنون. وهذه الملاحظة ليست جديدة، فقد لاحظ أرسطو طاليس: “إن أولئك الذين يملكون مستويات رفيعة في الفلسفة والسياسة والشعر والفنون لديهم كلهم ميول سوداوية”. وقال جون دريدان وجهة نظر مماثلة في شعره: “يقينًا الذكاء الثاقب هو أقرب حليف للجنون، والحواجز الرقيقة تفصل بين حديهما”.
إلا أن الدراسات الحديثة تفرق بين كلمتي موهوب وعبقري، حيث إن نسبة الذكاء العالية قد لا تؤهل صاحبها ليصبح مبدعًا. كما أكدت الدراسات العلمية أن عددًا من الأسر التي تنتج عباقرة لها تاريخ مع بعض الأمراض العقلية، وتصبح عبارة “العبقرية جنون” بها شيء من الحقيقة.
وكما قالت سفيا ناصر، مؤلفة كتاب السيرة الذاتية لعالم الرياضيات جون ناش، فقد كتبت عن سؤال زميل له عندما كان في مستشفى ماكلين حيث كان يُعالج جون ناش: “كيف يمكنك، وأنت عالم رياضيات وإنسان مؤمن بالعقل والقياس المنطقي، أن تؤمن بأن كائنات فضائية ترسل رسائل إليك لحماية العالم؟” فأجاب جون ناش: “لأن أفكاري عن الكائنات فوق الطبيعية جاءتني بالطريقة نفسها التي جاءتني فيها أفكاري عن الرياضيات، ولهذا أخذتها مأخذًا جادًا”.
جون ناش مثال للعبقري الذي تداخلت فيه العبقرية والجنون، ويوجد غيره عدد غير قليل. لا يعني ذلك أن كل عبقري مجنون، لكن وُجدت نسبة من العباقرة يؤدي ذكاؤهم العالي إلى درجة من الجنون، أو أن الخلل الحادث في عقولهم رفع من قدراتهم الأخرى إلى درجة العبقرية. وهذه الملاحظة توجد أيضًا في كثير ممن لديهم التوحد، حيث تكون بعض قدراتهم الذهنية عالية بشكل ملفت.
المقال تمت مراجعته من حيث الأخطاء الإملائية دون أي إضافات أو تعديلات على الأسلوب أو التنسيق.
