تركيا على صفيح ساخن: اعتقال إمام أوغلو يشعل التوترات السياسية والاقتصادية

د/حمدان محمد
تمر تركيا الآن بمرحلة حساسة عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها “ضربة للديمقراطية”. هذا الحدث لم يكن مجرد إجراء قضائي، بل أثار احتجاجات واسعة، وهز الأسواق المالية، وأشعل جدلًا سياسيًا داخليًا ودوليًا.
وقد فوجئ الشارع التركي بقرار توقيف إمام أوغلو بتهم تتعلق بـ”الفساد” و”مساعدة منظمة إرهابية”، وهي تهم نفتها المعارضة بشدة، معتبرةً أنها جزء من حملة تضييق على الأصوات المعارضة قبل الانتخابات المقبلة. هذا الاعتقال أثار موجة من الغضب في إسطنبول، حيث خرج الآلاف في احتجاجات رافضة لهذا الإجراء، بينما فرضت السلطات حظرًا على التجمعات في المدينة حتى 23 مارس.
وذلك لم يكن الجانب السياسي هو الوحيد المتأثر بالأحداث، فقد شهدت الأسواق المالية صدمة كبيرة، حيث تراجعت الليرة التركية بنسبة 11%، ما دفع البنوك للتدخل وبيع ما يقارب 8 مليارات دولار للحفاظ على استقرارها. الخبراء يرون أن هذا الانخفاض يعكس مخاوف المستثمرين من عدم الاستقرار السياسي، وهو ما قد يزيد من الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها البلاد بالفعل.
كما أعلن منصور يافاش، رئيس بلدية أنقرة، دعمه الكامل لإمام أوغلو، مشيرًا إلى أن ما حدث قد يؤثر على مسار الانتخابات الرئاسية القادمة. في المقابل، لم يصدر رد فعل رسمي قوي من الحكومة التركية، التي اكتفت بتأكيد أن القضاء مستقل ولا يخضع لأي ضغوط سياسية.
وعلى المستوى الدولي، أبدت منظمات حقوقية قلقها إزاء ما وصفته بـ”التضييق على الحريات السياسية”، فيما دعت دول غربية أنقرة إلى ضمان نزاهة القضاء واحترام حقوق المعارضين.
ولكن ماذا بعد؟
ففي ظل هذه التطورات، تبدو تركيا مقبلة على مرحلة صعبة، حيث تزداد الضغوط على الحكومة لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية، بينما تتصاعد التوترات في الشارع. يبقى السؤال الأهم: هل سيؤدي اعتقال إمام أوغلو إلى تغيير في موازين القوى السياسية، أم أنه مجرد فصل جديد من الصراع السياسي في البلاد؟
ولكن التطورات القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.