القضاء بين التشريع الرباني والتشريع الوضعي: رؤية قانونية

أَحْمَدُ حَسَنِي القَاضِي الأَنْصَارِي
مقدمة
القضاء هو أساس تحقيق العدل واستقرار المجتمع، فهو يفصل في النزاعات ويوقع العقوبات وفق القانون. وينقسم إلى نوعين: القضاء الرباني، المستمد من أحكام الله التي لا يعتريها نقص، والقضاء الوضعي، الذي يعتمد على القوانين البشرية لتنظيم الحياة وضمان الحقوق.
التشريع الرباني والتشريع الوضعي: تكامل أم اختلاف؟
القضاء الرباني يمثل العدل المطلق، حيث لا ظلم فيه، ويمتد للحساب الأخروي. أما القضاء الوضعي، فيهدف لتحقيق العدل وفق القوانين التي يضعها البشر، لكنه يبقى محدودًا باجتهاداتهم، مما يجعله عرضة للنقص والتغيير.
القانون يحمي المجتمع من الجرائم، ويضمن العقوبات العادلة للمخالفين. ومع تطور الجرائم، أصبح القضاء الوضعي أمام تحدٍّ كبير في تحقيق العدالة الناجزة، خاصة في القضايا التي تثير الرأي العام.
العدالة بين القانون الوضعي والعدالة الإلهية
القضاء الوضعي يسعى لفرض العقوبات كرادع للمجرمين، بينما العدالة الإلهية تمتد إلى الحساب الأخروي، حيث يكون الجزاء أعدل وأشمل. قال الله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ…” (المائدة: 8).
خاتمة
رغم أهمية القضاء الوضعي في حفظ النظام، إلا أنه لا يحقق العدالة المطلقة التي ينفرد بها القضاء الرباني. لذا، فإن الجمع بين التشريعات الوضعية والتعاليم الإلهية يضمن تحقيق العدل، مع الإيمان بأن الحساب الأعظم عند الله يوم القيامة، حيث لا ظلم ولا تحريف.