الأب سر الحياة

كتب/ أحمد عبدالعزيز
الأب هو العقل المفكر، وأمان العائلة، والقلب الحنون.
هو لا يفكر فقط في كيفية تدبير المعيشة، بل يشغله دومًا كيف يحمي أسرته في ظل التدهور الأخلاقي والانتشار الكبير للحرام. تارة تجده يصنع الأشواك ليصد بها الحرام الذي يريد أن يصل إلى ابنته، وتارة تكون عينه في الخارج لإبعاد أصدقاء السوء عن ابنه، بينما قلبه يعمل ليمنح الحب لزوجته.
في الليل، عقله لا ينام، مشغول بالتدبير، وفي النهار، أعضاؤه تعمل وتفكر في التوفير. الأب طاقة عاملة لا تنطفئ، تعمل على مدار الساعة، وحتى في خلوته مع ربه وفي صلاته، لا يدعو لنفسه بل يدعو لأبنائه، ليحفظهم الله ولو على حساب نفسه.
الأب نعمة من الله. في وقت الفجر، بينما العائلة نائمة، يكون هو قد تهيأ في البرد القارس أو الحر الشديد ليخرج إلى عمله. لا تمنعه ظروف ولا توقفه صعاب، رغم أنه الأحوج للراحة والنوم، لكنه لا يستطيع، لأن أبناءه ينظرون إليه كبطلهم الهمام، وهو يجلب لهم ما تبتغيه أنفسهم من لبس وأكل وشرب، وتسديد الفواتير المدرسية والجامعية، وأحيانًا للدروس الخصوصية، وسكن يليق بهم.
الأب لا يذهب للطبيب أحيانًا خوفًا من إنفاق الأموال التي جمعها لزواج ابنه أو قسط ابنته في الجامعة، فيتحامل على نفسه ويعاني من الألم بصمت من أجل أطفاله، حتى وإن لم يشعروا بذلك. وحين تطلب شيئًا ولا يتوفر لك، قد يعيش الأب أسوأ لحظاته، يفكر ليلًا ونهارًا في كيفية تلبية طلبك، وإن عجز عن ذلك، يبقى متعب الفكر والبَال، حتى تتدهور صحته بفعل الحزن والضغط.
وعندما يمنعك من شيء، فاعلم أن منعه لمصلحتك، ربما لعيب اجتماعي أو حرمة أخلاقية أو دينية. حين يمنعك، فهو يمنعك من أجلك، لأن تجاربه الفاشلة لا يريد لها أن تمر بك، فاستمع لكلامه.
قد لا ترضى أحيانًا بعيشتك لأن أباك لم يوفر لك ما وفره آباء آخرون، لكن تيقن أن أباك بذل جهده كله على حساب راحته لأجلك، غير أن الدنيا لم تضحك له. الأب هو الكائن الوحيد الذي يسعد حين يرى أبناءه يلبسون الجديد، ويشبعون، حتى وإن بقي هو جائعًا. هو الوحيد الذي يفرح حين تكون أنت أفضل منه.
الأب لا يعوَّض، الأب معجزة الزمان، هو الأمن والأمان، هو الذي قد يموت لأجل أولاده، و90% من الآباء يموتون من التعب الذي أصابهم في دنياهم، وهم يفكرون بعوائلهم.