قهر الرجال

كتب:د.حمدان محمد
لم يكن يحملها إلى سريرها كعادته، ولم يكن يغني لها لتنام، بل احتضنها بين ذراعيه جثةً هامدة، بعدما حوّل صاروخ إسرائيلي حلمها الصغير إلى رماد. صورة الأب الغزي الذي يضم طفلته الشهيدة تختصر مأساة مستمرة يعيشها أهل غزة منذ أشهر، تحت وابل القنابل والنار.
مشهد الأب المكلوم وهو يضغط طفلته إلى صدره، محاولًا إحياء ما تبقى منها بحنانه ودموعه، بات رمزًا لقهر الرجال في القطاع المحاصر. لا كلمات تستطيع وصف الألم الذي يعانيه آباء غزة وهم يودّعون أطفالهم يوميًا، في ظل استمرار المجازر بحق المدنيين العزل.
ذلك القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزل العائلة في أحد أحياء غزة لم يترك فرصة للنجاة، ليجد الأب نفسه وسط الدمار، يحمل فلذة كبده بلا حراك، يودعها بنظرات تعجز عن التصديق. وفي لحظة عجز ووجع، لم يكن أمامه سوى ضمها، كما لو كان يحاول منع الرحيل الأبدي.
ويأتي هذا المشهد المروع ضمن سلسلة المجازر الإسرائيلية التي أسفرت عن استشهاد آلاف الأطفال، وسط إدانات دولية خجولة، وعجز المجتمع الدولي عن وقف النزيف المستمر. ويبقى السؤال: كم من الآباء في غزة سيواجهون قهر الرجال، وكم من الأطفال سيدفنون قبل أن يتوقف هذا العدوان؟
فهل من مجيب؟