ملفات و تحقيقات

مزيج لذيذ من الثقافات على مائدة الهندية

د. إيمان بشير ابوكبدة 

تاريخ المطبخ الهندي قصة آسرة عن الهجرة والتكيف والتبادل الثقافي. انضم إلينا في هذه الرحلة العالمية التي ستتعرف من خلالها على بعض أشهر أطباق الهند.

السمبوسة: معجنات فارسية تحولت إلى المفضلة الهندية

صدق أو لا تصدق، السمبوسة، ذلك المثلث الذهبي المقلي، أصلها في الواقع من بلاد فارس (إيران حاليًا). عرفت في الأصل باسم “سمبوسك”، وقد وصلت هذه الوجبة الخفيفة إلى الهند عبر طريق الحرير، حيث جلبها التجار والمستكشفون. وبينما كانت النسخ الأولى منها محشوة باللحم والمكسرات والتوابل، أضافت الهند إليها لمسة نباتية بإضافة حشوة البطاطا التي أصبحت الآن كلاسيكية. 

الشاي: من أوراق الشاي الصينية إلى قصة حب هندية

أصوله تعود إلى الصين. حرصًا من البريطانيين على كسر احتكار الصين للشاي، أدخلوا زراعة الشاي تجاريًا إلى الهند في القرن التاسع عشر، وخاصةً في ولايتي آسام ودارجيلنغ. ومع ذلك، هناك أدلة على أن الشاي البري كان يُستهلك في أجزاء من الهند قبل التدخل البريطاني بوقت طويل. بل إن البعض يتكهن بأن مشروب “سوما” الفيدي القديم ربما كان يحتوى على مكونات الشاي. أما اليوم، فالشاي أكثر من مجرد مشروب، إنه طقس يومي متأصل في الحياة الهندية.

بانير: هدية فارسية إلى شمال الهند

يعد البانير عنصرًا أساسيًا في مطبخ شمال الهند، ومن المرجح أنه انتقل إلى الهند من إيران. اسم “بانير” نفسه مشتق من الكلمة الفارسية “بانير”، التي تعني الجبن. ومن المثير للاهتمام أن البانير لا يزال أقل شيوعًا في مطبخ جنوب الهند، ربما بسبب دخوله لاحقًا إلى شبه القارة الهندية. سواءً في ماسالا الزبدة الكريمية أو التيكا المدخنة، فقد رسّخ البانير مكانته كوجبة نباتية شهية ذات أصول عالمية.

التأثيرات الحلوة: جولاب جامون وجلبي

لا يكتمل أي احتفال هندي بدون جولاب جامون، ولكن هل تعلم أن جذوره فارسية ومتوسطية؟ جلب الغزاة الأتراك هذه الحلوى السكرية إلى الهند، وتطورت مع التأثيرات المحلية، فأضافوا إليها شراب الورد والهيل. وبالمثل، يعود أصل الجلابي، الذي يُقدم غالبًا مع الحليب أو الرابري، إلى الشرق الأوسط قبل أن يصبح من أشهر أطعمة الشوارع الهندية.

فيندالو: إرث برتغالي في مطابخ غوا

قد يكون الفيندالو الحار واللاذع طبقًا غوانيًا كلاسيكيًا اليوم، إلا أن جذوره تمتد إلى البرتغال. تطور هذا الطبق من “كارني دي فينها دالهوس”، وهو طبق برتغالي من اللحم المتبل بالنبيذ والثوم. ومع مرور الوقت، أُضيفت التوابل الهندية، فتحول الطبق إلى الفيندالو الحار الذي نعرفه اليوم. 

برياني: مستورد ملكي فارسي

البرياني، الطبق الأكثر طلبًا في الهند، له أصول فارسية أيضًا. كلمة “برياني” نفسها مشتقة من المصطلح الفارسي “بيريان”، الذي يعني “مقلي قبل الطهي”. جلب المغول البرياني إلى الهند، وطوروه ليناسب الأذواق الإقليمية، مما أدى إلى ظهور أنماط مختلفة مثل برياني حيدر آباد، وبرياني لكناوي، وبرياني كولكاتا. واليوم، يُعدّ رمزًا للرفاهية والراحة في جميع أنحاء البلاد.

الإيدلي والقهوة: مفاجأة جنوب الهند

رغم أن الإيدلي يعتبر غالبًا طبقًا جنوب هنديًا قديمًا، إلا أن أصوله لا تزال محل جدل. تشير بعض النظريات إلى أنه تأثر بالحكام الهندوس الإندونيسيين الذين كانت لهم علاقات طبخ مع جنوب الهند. وبالمثل، وصلت القهوة، وهي غذاء أساسي في جنوب الهند، إلى الهند عندما هرب بابا بودان، وهو شيخ صوفي، حبوب البن من اليمن في القرن السابع عشر. مهد هذا الطريق لازدهار ثقافة القهوة في الهند، وخاصة في كارناتاكا.

رجما ودال شوال: طعام مريح عبر الحدود

راجما، كاري الفاصولياء الحمراء المحبوب في شمال الهند، ليس هنديًا في الأصل. فقد استقدمت الفاصولياء الحمراء إلى الهند من أمريكا الوسطى والجنوبية خلال الحقبة الاستعمارية. وبالمثل، يعتقد أن دال تشاوال، الذي يعتبر غالبًا من أشهى المأكولات المريحة، يعود أصله إلى نيبال قبل أن يصبح عنصرًا أساسيًا في جميع أنحاء شبه القارة الهندية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى