الخيامية المصرية أسطورة الفنون التراثية

كتب د/أحمد حشيش
الخيامية” فن التطريز على أقمشة القطن السميكة، باستخدام مجموعة من الألوان الزاهية والخطوط البارزة على الجداريات ومعلقات الحائط والحقائب. وهناك اختلاف حول نشأة هذا الفن، لكنّ الثابت تاريخياً أن قدماء المصريين أظهروا ولعاً بفنون التطريز على القماش.
الخيامية هي فن مصري والمصطلح مشتق من كلمة خيام، وهو صناعة الأقمشة الملونة التي تستخدم في عمل السرادقات، وربما يمتد تاريخ هذه المهنة إلى العصر الفرعوني ولكنها بالتأكيد أصبحت أكثر ازدهاراً في العصر الإسلامي ولا سيما العصر المملوكي. وقد كانت ترتبط الخيامية قديماً بكسوة الكعبة المزينة بخيوط الذهب والفضة، التي كانت تقوم مصر بتصنيعها حتى فترة ستينيات القرن الماضي وإرسالها للحجاز في موكب مهيب يعرف باسم المحمل. وتتواجد هذه الحرفة بكثرة في شارع الخيامية بالقرب من باب زويلة – آخر شارع الغورية في القاهرة.
ويعتبر فن صناعة الخيام من أوائل الحرف والأعمال اليدوية التي تعلمها ومارسها الإنسان لصنع مأوى له من القماش، وذلك بعد أن صنع الأكواخ. وقد تطورت صناعة الخيام منذ عهد الدولة الفاطمية، وقام أساتذة واسطوات مهنة صناعة الخيام في مصر بتطوير منتجاتهم وبدأ يصنعها من أقمشة ملونة مستعيناً بالتصاميم والزخارف العربية القديمة، وأدخل بعد ذلك رسوماً وزخارف مستقاة من المعابد والجوامع والكنائس. كما طور من صنعته وصنع من هذه الحرفة أشياء أخرى مثل الخدودية ومفارش السرير ومعلقات على الجدران وكان من أبرز من طور هذه المهنة في مصر الحاج حنفي محمد إبراهيم، الملقب بشيخ الخيامية.
وساهمت صناعة الخيامية في زخرفة كسوة الكعبة المشرفة، وأنشأت مصر أول مؤسسة لذلك وأسمتها إدارة الكسوة، وهي موجودة في تحت الربع وكانت الكسوة تحمل على الجمال في احتفالية كبيرة من مصر إلى السعودية في موسم الحج، وكانت تسمى بالمحمل.
وقديما كانت هناك طقوس خاصة لاعتماد أي حرفي خيامي جديد ينضم لتلك الطائفة حيث كان يتم اجتماع الخيامية وشيخهم لرؤية وفحص أعمال الخيامي الجديد، فإذا كانت على المستوى المطلوب يقيم الحرفي مأدبة اعتماد لجميع الخيامية للاحتفال بانضمامه للمهنة.
تعتبر الخيامية من المظاهر الرمضانية الأساسية في مصر، فما إن يحل شهر الصيام حتى تزدهر الحركة في شارع الخيامية استعدادا للطلب علي الأقمشة المزينة لاستخدامها في الخيم الرمضانية وفي سرادقات موائد الرحمن وفي عروض التنورة وفي واجهات المحلات والمطاعم، أما باقي أشهر السنة فتقتصر الخيامية على الاستخدام في سرادقات العزاء والأفراح والدعاية الانتخابية.
دور هذه الحرف والفنون التراثية في حفظ وترسيخ هوية المسلم والمصري في ظل طوفان العولمة ،وكيف نؤكد على هذا الدور ونقويه وندعمه