صيام الست من شوال: عبادة عظيمة بعد رمضان

د/حمدان محمد
مع انقضاء شهر رمضان المبارك، يشعر المؤمن بنوع من الفتور بعد موسم الطاعة، ولكن ديننا الحنيف يحرص على توجيه المؤمنين نحو الثبات على العبادة، ومن صور ذلك صيام الست من شوال، التي تأتي كتأكيد على الاستمرار في الطاعة، وحصد المزيد من الحسنات بعد صيام الشهر الفضيل.
ومن هذه الطاعات صيام الست من شوال
فله العديد من الفضائل التي لا ينبغي على المسلم أن يغفل عنها، ومنها:
1. تكملة أجر السنة:
كما ورد في حديث رسول الله ﷺ: “من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر” (رواه مسلم). والدهر هنا بمعنى السنة، فمن أتم صيام رمضان وأتبعها بست من شوال نال أجر صيام سنة كاملة.
2. علامة على قبول رمضان:
قال بعض العلماء إن من علامة قبول العمل في رمضان أن يوفَّق العبد للطاعة بعده، فإن صيام الست دليل على حرص المسلم على الاستمرار في العبادة.
3. جبر النقص والتقصير:
الإنسان لا يخلو من التقصير في العبادات، وصيام الست من شوال يكون جبرًا لما قد يشوب صيام رمضان من نقص أو خلل.
ويجوز للمسلم أن يصوم الستة أيام بشكل متتالٍ بعد يوم العيد مباشرة، أو يصومها متفرقة خلال الشهر، وكلا الأمرين جائز.
ولكن الأفضل أن يبادر بالصيام بعد العيد مباشرة، حيث يكون في النفس دافع بعد الطاعة في رمضان، ولكن من راعى ظروفه وصامها متفرقة فلا حرج عليه.
ولكن ما هو حكم صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان؟
فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
الرأي الأول: يجب قضاء ما فات من رمضان أولاً، ثم صيام الست من شوال ، لأن الفرض مقدم على النافلة.
الرأي الثاني: يجوز صيام الست قبل القضاء، ولكن الأفضل تقديم القضاء.
الرأي الوسط: يمكن الجمع بين القضاء والست بنية واحدة، خاصة لمن كان عليه أيام كثيرة كأصحاب الأعذار مع الراجح بأن نية الفرص وحدها ونية النافلة وحدها
ولكن هناك فوائد روحية لصيام الست من شوال.
1. تربية النفس على الطاعة:
فبعد رمضان، قد تضعف الهمة، فيأتي صيام الست ليعين على الحفاظ على روح العبادة.
2. المداومة على الخير:
فيشعر المسلم بالأنس في الطاعة واستمرار الصلة بالله تعالى، فلا يكون رمضان محطة مؤقتة، بل بداية لاستمرار الخير.
3. كسر الروتين:
عندما يصوم المسلم الست من شوال، يكسر حالة الاعتياد على الإفطار، مما يجدد نشاط القلب ويقوي الإرادة.
فلنغتنم هذه الفرصة العظيمة التي جعلها الله لنا، ولنحرص على صيام الست من شوال، سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منا الصيام والقيام وسائر الأعمال، وأن يجعلنا من عباده المداومين على الطاعة في كل حين.
فالحرص على الطاعة بعد رمضان من علامات قبول العمل، فليكن دأبنا في كل عام أن نصوم الست من شوال، لننال أجر الدهر، ونكون من أهل القبول والثبات.