مقالات

الدم لا يُنسى.. وعد الله بالقصاص

د/ حمدان محمد
في صفحات التاريخ المقدّس نقف أمام مشهد يهزّ القلوب ويوقظ الضمائركان هناك نبيّان من أنبياء الله سيدنا يحيى وسيدنا زكريا عليهما السلام قُتلا على يد بني إسرائيل بوحشية لا تعرف للنبوة حرمة ولا للحق قداسة فنبي الله يحيى النبي الطاهر سال دمه في الأرض وهو ينادي بالحق فغلى دمه حتى أشهد الله عليه الأرض ومن فيها وزكريا النبي الشيخ لجأ إلى جوف شجرة فراراً بدينه فلاحقوه حتى قطعوه بالمنشار ولم يتركهما الله سدى ولم تمر هذه الدماء النقية مروراً عابراً ولكن سلط الله على بني إسرائيل بطشاً من حيث لا يحتسبون فأتاهم جُندٌ من غير المسلمين على رأسهم بُختنصر البابلي فاستباحهم قتلًا وتشريدًا فجعل منهم سبعون ألفًا من القتلى والناجون عبيدٌ مشردون في الأرض يساقون بلا وطن ولا كرامة حتى هدأت الأرض ولكنها لم تنسَ الدم
ثم مرّ النبي عُزير على هذه الأرض القاحلة بعد سنوات من الخراب، فسأل متعجبًا: {أنّى يُحيي هذه الله بعد موتها؟} ليكون الشاهد على ما بعد الغضب الإلهي وعلى أن ما من دمٍ يسيل ظلماً إلا وله موعد مع عدالة السماء فكيف اليوم ونحن نرى شعوبًا تُباد ومدنًا تُقصف وأطفالًا يُقتلون ونساءً يُشردن؟ هل نظن أن الله غافل؟ أم أن الأرض لم تغلُ بعد بما يكفي؟ إن ما طمأن قلوب الأنبياء في محنتهم هو يقينهم بعدالة الله فالدنيا ليست دار انتقام ولكنها مسرح يمهل فيه الظالمين حتى إذا أخذهم لم يُفلتهم وأرواح الشهداء ليست أرقامًا ودماؤهم ليست حبراً على ورق البيانات فالله لا ينسى دمًا أهدر ولا روحًا ظلمت وإن تأخر القصاص في نظرنا فإنه عند الله حقٌ لا يُهمل فهذا يقينناً في الله
فالله چل وعلا يقول ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون )
اللهم أرنا في الظالمين آيات قدرتك، وخذهم أخذ عزيز مقتدر، فإنك لا تُخلف الميعاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى