خديجة ربيع
أسيرة القلم
أيُعقل أن يُبتلى العَبد فيما كان يدعو الله بِه سنينٍ؟! سأل إبراهيم عليه السلام ربه لعُقودٍ طويلة بأن يهب له ولدًا صالحًا. ولما بلغ من العمر 86 عامًا بشره الله بغلامٍ حليم وهو إسماعيل عليه السلام. استُجيبت دعوته بعد أن أنتظر مجيئته حتى شاب شعره وعاش سنين بدون ذرية. فلما رزقه الله بإسماعيل من زوجته هاجر، أُمر أن يُسكن هو وأمه في بلاد فقر ووادٍ ليس به زرع ولا ضرع ولا أنيس. وامتثل بأمر ربه وتركهما ثقة بالله وتوكلًا عليه. وبعد أن رزقهما الله من حيث لا يحتسبان، جاء الأمر العجيب أن يذبح ابنه
أذبح من دعوتني عقودًا لأرزقك به لن أميته ولن اخده منك، واختبر صبرك بل أن تذبحه بيدك!
“فلما بلغ معه السعى” بعد أن شب ويسعى في مصالحه كأبيه وصار رفيقًا لوالده، امتثل إبراهيم عليه السلام لأمر ربه. ثم صارح ابنه ليكون أهون عليه من أن يأخذه قسرًا ويذبحه قهرًا قال “يا بني إني أرى في المنامِ اني أذبحك فأنظر ماذا ترى” يالعظمة هذا الموقف!
شاب يُساق الذبح بيد أبيه، ولكنه لم يُجادل ولم يُقابل الأمر بالهروب من المصير بل قالها بكل تسليم ورضا ليطيعه وامتثل لأمر الله فيقول له “يا أبتِ أفعل ما تؤمر”
ما أروع أدبه مع أبيه! قال يا أبتِ بنداءٍ حنون ويعينه على تنفيذ أمر الله لا عن ضعف بل عن قوة إيمان
يعتبر بر سيدنا إسماعيل مع أبيه من أسمى مشاهد البر بالوالدين ومن أعظم صور البر والطاعة في قصةٍ تُجسد أعلى مراتب الإيمان وأعمق معاني الطاعة وتقديم رضا الله على النفس والهوى.
