كتبت/نجده محمد رضا
في سجلّ التاريخ الإسلامي تبرز أسماءٌ حفرت مجدها بالإيمان واليقين ومن بين تلك الأسماء السيدة أسماء بنت عميس المرأة التي عاشت للإسلام وهاجرت مرتين وصبرت مرتين وأُكرمت ثلاث مرات بزواجها من ثلاثة من أعظم رجال الإسلام.
كانت حياتها صفحة ناصعة تُروى للأجيال لتعلّمهم معنى الثبات على العقيدة.
من هي أسماء بنت عميس؟
هي أسماء بنت عميس بن معد بن تيم بن الحارث الخثعمية صحابية جليلة أسلمت في وقتٍ مبكرٍ من الدعوة، فواجهت أذى قريش بثباتٍ وإيمان. هاجرت إلى الحبشة فرارًا بدينها مع زوجها جعفر بن أبي طالب، ابن عمّ رسول الله ﷺ، وهناك أنجبت أبناءها عبد الله وعونًا ومحمدًا، وذاقت مرارة الغربة في سبيل العقيدة.
امرأة الهجرتين
عادت أسماء إلى المدينة المنورة بعد سنوات طويلة من الهجرة، فاستقبلها النبي ﷺ بوجهٍ طلقٍ كريم وقال لها “لقد أسلم الناس وهاجرتِ هجرتين.”
فنالَت بذلك شرفًا لم تشاركه فيه امرأةٌ أخرى، وأصبح لقب “صاحبة الهجرتين” يُخلّد سيرتها حتى اليوم.
زوجة الأبطال الثلاثة
قدّر الله أن تكون أسماء زوجةً لثلاثة من كبار رجالات الإسلام
جعفر بن أبي طالب الشهيد الطائر في الجنة.
ثم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، خليفة رسول الله ﷺ، وأنجبت منه محمد بن أبي بكر.
وبعد وفاته، تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكانت له زوجةً صالحة وأمًّا رؤومًا.
جمعت أسماء بين الإيمان والعقل والوفاء، فكانت بحقّ امرأةً استثنائية في تاريخ الأمة.
الراوية العالمة والصديقة الوفية
كانت السيدة أسماء قريبةً من بيت النبوة صديقةً مخلصةً لـ فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وحاضرةً عند وفاتها إذ قامت بتغسيلها بنفسها.
روت عن النبي ﷺ أحاديث كثيرة، فكانت من الثقات الراويات اللواتي نقلن سنة الرسول إلى الأمة وكان عليه الصلاة والسلام يجلّها ويثني عليها لحكمتها وصبرها.
قالوا عنها
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه“هي سيدة الهجرتين، سبقتنا إلى خيرٍ كثير.”
وقال النبي ﷺ:
“أسماء بنت عميس من المؤمنات الصابرات لله درّها من امرأةٍ آمنت وصدقت وهاجرت هجرتين.”
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:“ما رأيت امرأةً أصدق إيمانًا ولا أوفى عهدًا من أسماء بنت عميس.”
وقال ابنها عبد الله بن جعفر:
“كانت أمّي تذكّرنا بالله كل صباح وتعلّمنا أن الجهاد لا يكون بالسيف فقط بل بالصبر على الطاعة.”
رحيلها وبصمتها الخالدة
رحلت السيدة أسماء بنت عميس رضي الله عنها إلى جوار ربها في المدينة المنورة بعد حياةٍ مليئة بالجهاد والعطاء رحلت جسدًا لكنّ سيرتها بقيت شمعةً تضيء دروب النساء المؤمنات تذكّرهنّ أن العظمة ليست في القوة ولا المال بل في الإيمان الراسخ والعمل الصالح.
لقد كانت أسماء بنت عميس نموذجًا خالدًا للمرأة المؤمنة الصابرةالتي آمنت بالله حق الإيمان وهبت حياتهالخدمةالدعوةهي امرأة الهجرتين وزوجة الأبطال
وأم الرجال التي ستبقى سيرتها درسًا للأجيال في الوفاء والثبات واليقين.
