بقلم /دارين محمود
تتحرك أصابعي على الهواء، أو ربما على خشب الطاولة البارد، أرسمُ مساراتٍ وهمية لتلك النغمات التي تسكنني. لستُ عازفاً، ولا أفقه سرّ السلم الموسيقي، لكنّ قلبي في هذه اللحظة يقرأ النوتة ببراعة لا يملكها بتهوفن.
أغمض عيني، فأرى المفاتيح السوداء والبيضاء ترقص تحت أناملي. أشعر بارتعاشة “الدو” في معصمي، وبحدة “السي” في أطراف أصابعي. لستُ بحاجة إلى آلة لتخرج الموسيقى؛ فاللحن الذي أعشقه لم يعد مجرد صوتٍ يمرُّ عبر أذني، بل أصبح دورةً دموية ثانية تضخ في عروقي شغفاً لا يهدأ.
ما نفع الإتقان إذا كان القلب أصماً؟ وما ضرّ الجهل بالتقنية إذا كانت الروح تعزفُ بصدق؟ أنا الآن لا أحرك أصابعي فحسب، أنا أرمّم انكسارات روحي بنغماتٍ خفية، وأبني جسراً من الخيال يصل بيني وبين تلك المقطوعة، حيث نلتقي في منتصف الطريق.. أنا وهي، بلا وسيط، وبلا أخطاء.
”أحياناً، تكون الموسيقى التي لا يسمعها أحد سوى الخيال، هي الأجمل والأكثر نقاءً، لأنها لا تخضع لقوانين الفيزياء، بل لقوانين الحنين.”
