بقلم السيد عيد
ما أعظمها تلك القطعة الصغيرة من السكر، التي تبدو وكأنها لا شيء في كوب الشاي الكبير، لكنها في الحقيقة تحمل قصة عميقة عن العطاء والتضحية والصمت.
قطعة السكر، حين تُلقى في كأس الشاي، لا تتردد. لا تَحتفظ لنفسها بشيء، ولا تفكر في البقاء، بل تذوب بهدوء، تمنح كل حلاوتها، وكل طاقتها، حتى يكتمل مشهد اللذة في كوبك.
هي ليست مجرد قطعة تتحول إلى سائل، بل هي رمز مدهش للحب الصامت، للفعل الذي لا يعلن عن نفسه. قد نتعلم من قطعة السكر كيف نكون، كيف نعطي دون انتظار مقابل، كيف نذوب في حياة الآخرين لنصنع معهم طعمًا أجمل، لحظات أكثر دفئًا.
وعلى عكس من يُعطون بالكلام والصخب، تبقى قطعة السكر متواضعة، خفية، لا تطلب شكرًا ولا شهرة. تختفي بعد أن تكمل رسالتها، تاركة وراءها أثرًا لا يُمحى، لذة تدوم في الذاكرة، طعمًا يبقى محفورًا في القلب.
كم مرة نرى من في حياتنا يشبهون قطعة السكر؟ أشخاص يعطون دون حساب، يتنازلون دون تردد، يذوبون في ظروف من حولهم، ثم يختفون بهدوء.
وهنا يكمن الجمال الحقيقي: في العطاء الذي لا يُقاس بالوقت، ولا ينتظر مكافأة.
فلنحتفل بقطع السكر الصغيرة في حياتنا، بتلك الأرواح التي تصنع الفارق بصمت، والتي تعلمنا أن العظمة ليست في الظهور، بل في القدرة على العطاء والاختفاء، مثل قطعة السكر، التي تمنح كل شيء، ثم تذوب بهدوء، لتترك لنا نكهةً لا تنسى.
