ليلة القدر: ليلة الخير والبركة

د/حمدان محمد
في ظلال العشر الأواخر من رمضان، يتحرّى المسلمون ليلة القدر، تلك الليلة المباركة التي نزل فيها القرآن الكريم هدى للناس، وهي الليلة التي وصفها الله بأنها خير من ألف شهر، فقال تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” [القدر: 3].
فليلة القدر ليست كأي ليلة، فهي ليلة تنزل فيها الملائكة بإذن الله، ويسود فيها السلام حتى مطلع الفجر، كما قال تعالى: “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ” [القدر: 4-5]. وفيها تُكتب مقادير السنة، ويغفر الله فيها الذنوب لمن قامها إيمانًا واحتسابًا، كما قال النبي ﷺ: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).
وقد وردت عدة علامات لليلة القدر في الأحاديث الشريفة، منها:
1/تكون ليلة هادئة، معتدلة الطقس، لا باردة ولا حارة.
2/تطلع الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها.
3/يشعر المؤمن فيها براحة وطمأنينة وسكينة غير معتادة.
وقد حثّ النبي ﷺ على الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان النبي ﷺ إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله” (متفق عليه). ولذا، ينبغي على المسلم أن يحييها بالصلاة، والدعاء، وقراءة القرآن، والذكر، والاستغفار.
ومن أعظم الأدعية التي وردت عن النبي ﷺ ما قالته عائشة رضي الله عنها: “يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟” قال: “قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” (رواه الترمذي).
وإن إدراك ليلة القدر نعمة عظيمة، فهي فرصة للتوبة الصادقة، وطلب العفو والمغفرة، والسعي في رضا الله. فلنجعلها ليلة قرب من الله، نجتهد فيها بالأعمال الصالحة، ونسأل الله أن يكتب لنا فيها الخير، ويجعلنا من عتقائه من النار.
نسأل الله أن يبلغنا ليلة القدر، ويتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ويجعلنا من الفائزين برحمته ورضوانه.